الصلاة ، أي : صلاتك مع المصلّين.
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) (٢٢٦)
وقوله تعالى : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) أي : قل لهم يا محمد : هل أخبركم (عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ)؟ والأفّاك : الكذّاب ، والأثيم : الكثير الإثم ، ويريد الكهنة ؛ لأنّهم كانوا يتلقّون من الشياطين الكلمة الواحدة الّتي سمعت من السماء فيخلطون معها مائة كذبة ، حسبما جاء في الحديث (١) ، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع ، والضمير في (يُلْقُونَ) يحتمل أن يكون للشياطين ، ويحتمل أن يكون للكهنة ، ولما ذكر الكهنة بإفكهم وحالهم التي تقتضي نفي كلامهم عن كلام الله تعالى ـ عقّب ذلك بذكر الشعراء وحالهم ؛ لينبّه على بعد كلامهم من كلام القرآن ، إذ قال بعض الكفرة في القرآن : إنّه شعر ، والمراد شعراء الجاهلية ، ويدخل في الآية كلّ شاعر مخلّط يهجو ويمدح ؛ شهوة ، ويقدف المحصنات ، ويقول الزور.
وقوله : (الْغاوُونَ) قال ابن عباس : هم المستحسنون (٢) لأشعارهم ، المصاحبون لهم.
وقال عكرمة : هم الرعاع الذين يتبعون الشاعر ويغتنمون إنشاده (٣).
وقوله : (فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) عبارة عن تخليطهم وخوضهم في كل فنّ من غثّ الكلام وباطله ؛ قاله ابن عباس (٤) وغيره ، وروى جابر بن عبد الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «من مشى سبع خطوات في شعر ، كتب من الغاوين» ذكره أسد بن موسى ، وذكره النقاش.
__________________
(١) أخرجه البخاري (١٠ / ٥٩٥) كتاب الأدب : باب قول الرجل للشيء ... ، حديث (٦٢١٣) ، ومسلم (٤ / ١٧٥٠) كتاب السلام : باب تحريم إتيان الكهان ، حديث (١٢٣ / ٢٢٢٨) من حديث عائشة.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٨٨) برقم (٢٦٩٣٣) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٤٦) ، والسيوطي (٥ / ١٨٦) ، وعزاه للفريابي ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٨٩) برقم (٢٦٨٣٧) ، بلفظ «عصاة الجن» ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٤٦) ، والسيوطي (٥ / ١٨٦) ، وعزاه للفريابي ، وابن المنذر ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، عن عكرمة بلفظ «عصاة الجن».
(٤) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٩٠) برقم (٢٦٨٤٢) نحوه ، وبرقم (٢٦٨٤٣) ، عن مجاهد ، وذكره البغوي (٣ / ٤٠٣) ، وابن عطية (٤ / ٢٤٦) ، والسيوطي (٥ / ١٨٦) ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس.