سليمان عليهالسلام تزوّجها عند ذلك ، وأسكنها الشام ؛ قاله الضحاك (١). وقيل : تزوجها وردّها إلى ملكها باليمن وكان يأتيها على الريح كلّ شهر مرّة ، فولدت له غلاما سمّاه داود ؛ مات في حياته. وروي أن سليمان لما أراد زوال شعر ساقيها ؛ أمر الجنّ بالتّلطّف في زواله ، فصنعوا النّورة (٢) ولم تكن قبل ، وصنعوا الحمّام.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥) قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (٤٧) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (٤٨) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٤٩) وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (٥٣)
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ...) الآية ، تمثيل لقريش ، و (فَرِيقانِ) : يريد بهما من آمن بصالح. ومن كفر به. واختصامهم هو تنازعهم. وقد ذكر تعالى ذلك في سورة الأعراف ، ثم إن صالحا ـ عليهالسلام ـ ترفّق بقومه ووقفهم على خطئهم في استعجالهم العذاب ؛ قبل الرحمة. أو المعصية لله قبل الطاعة ، ثم أجابوه بقولهم : (اطَّيَّرْنا بِكَ) أي : تشاءمنا بك. (تِسْعَةُ رَهْطٍ) هم رجال كانوا من أوجه القوم وأعتاهم ؛ وهم أصحاب قدار ، والمدينة مجتمع ثمود وقريتهم.
وقوله تعالى : (تَقاسَمُوا).
قال الجمهور : هو فعل أمر ، أشار بعضهم على بعض بأن يتحالفوا على هذا الفعل بصالح ، وحكى الطبريّ (٣) أنه يجوز أن يكون تقاسموا فعلا ماضيا في موضع الحال ، كأنه قال : متقاسمين أو متحالفين بالله لنبيّتنّه وأهله ، وتؤيّده (٤) قراءة عبد الله : «ولا يصلحون تقاسموا» بإسقاط «قالوا».
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٦٢)
(٢) النّورة : الهناء ، وفي «التهذيب» : النّورة من الحجر الذي يحرق ويسوّى منه الكلس ويحلق به شعر العانة.
ينظر : «اللسان» ٤٥٧٣.
(٣) ينظر : «الطبريّ» (٩ / ٥٣٣)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٢٦٣)