و (اسْتَوى) معناه : تكامل عقله ، وذلك عند الجمهور مع الأربعين. والحكم : الحكمة ، والعلم : المعرفة بشرع إبراهيم عليهالسلام.
(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩) وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (٢٤)
وقوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها).
قال السدي : كان موسى في وقت هذه القصة على رسم التعلّق بفرعون ، وكان يركب مراكبه حتى إنه كان يدعى موسى بن فرعون (١) ، فركب فرعون يوما وسار إلى مدينة من مدائن مصر ، فركب موسى بعده ولحق بتلك المدينة في وقت القائلة ، وهو حين الغفلة ؛ قاله ابن عباس (٢) ، وقال أيضا : هو بين العشاء والعتمة ، وقيل غير هذا (٣).
وقوله تعالى : (هذا مِنْ شِيعَتِهِ) أي من بني إسرائيل ، و (عَدُوِّهِ) هم القبط ، و «الوكز» : الضرب باليد مجموعة ، وقرأ ابن مسعود (٤) : «فلكزه» والمعنى : واحد ؛ إلا أن اللّكز في اللّحي ، والوكز على القلب ، و (فَقَضى عَلَيْهِ) معناه : قتله مجهزا ، ولم يرد
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٤٢) رقم (٢٧٢٥٢) ، وذكره البغوي (٣ / ٤٣٨) ، وابن عطية (٤ / ٢٨٠) ، والسيوطي (٥ / ٢٣١) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي.
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٨٠)
(٣) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٨٠)
(٤) ينظر : «الشواذ» ص ١١٤ ، و «الكشاف» (٣ / ٤٩٨) ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ٢٨٠) ، و «البحر المحيط» (٧ / ١٠٥) ، و «الدر المصون» (٥ / ٣٣٥)