حديث الترمذيّ ؛ عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّه قال : «من سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله ، ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضاه الله له» (١) انتهى.
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧)
وقوله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ...) الآية : ذهب جماعة من المتأوّلين إلى أن الآية لا كبير عتب فيها على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ فروي عن علي بن الحسين : أن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم كان قد أوحي إليه أنّ زيدا يطلق زينب ، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها له ، فلما تشكى زيد للنبي صلىاللهعليهوسلم خلق زينب ، وأنّها لا تطيعه ، وأعلمه بأنه يريد طلاقها ، قال له النّبي صلىاللهعليهوسلم على جهة الأدب والوصية : «اتّق الله ـ أي : في قولك ـ وأمسك عليك زوجك» ـ وهو يعلم أنّه سيفارقها ـ وهذا هو الذي أخفى صلىاللهعليهوسلم في نفسه ولم يرد أن يأمره بالطلاق لما علم من أنّه سيتزوجها ، وخشي صلىاللهعليهوسلم أن يلحقه قول من النّاس ، في أن يتزوج زينب بعد زيد ، وهو مولاه وقد أمره بطلاقها ، فعاتبه الله على هذا القدر من أن خشي الناس في شيء ؛ قد أباحه الله تعالى له.
قال عياض : وتأويل علي بن الحسين أحسن التأويلات وأصحها ، وهو قول ابن عطاء ، وصححه واستحسنه ، انتهى.
وقوله : (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) يعني بالإسلام وغير ذلك (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) يعني بالعتق ، وهو زيد بن حارثة ، وزينب هي بنت جحش ، بنت أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ ثم أعلم ـ تعالى ـ نبيه أنه زوّجها منه لما قضى زيد وطره منها ؛ لتكون سنة للمسلمين في أزواج أدعيائهم ، وليبيّن أنها ليست كحرمة البنوة ، والوطر : الحاجة والبغية.
وقوله تعالى : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) : فيه حذف مضاف تقديره : وكان حكم أمر الله ، أو مضمّن أمر الله ، وإلّا فالأمر قديم لا يوصف بأنه مفعول ، ويحتمل أن يكون الأمر واحد الأمور التي شأنها أن تفعل / وعبارة الواحديّ : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) أي : كائنا ٧٥ ألا محالة ، وكان قد قضى في زينب أن يتزوجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم. انتهى.
__________________
(١) تقدم تخرجه.