العربيّ هذا الحديث في «أحكامه» وعبارة الدّاووديّ : وعن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قرأ على المنبر : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) ، وقال : ثلاث من أوتيهنّ فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود : العدل في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى ، وذكر الله تعالى / في السرّ والعلانية» (١) قال القرطبيّ (٢) الشكر تقوى الله والعمل بطاعته. انتهى.
قال ثابت : روي أنّ داود كان قد جزّأ ساعات اللّيل والنّهار على أهله ؛ فلم تكن تأتي ساعة من ساعات اللّيل والنّهار ؛ إلّا وإنسان من آل داود قائم يصلّي ؛ يتناوبون دائما (٣) ، وكان سليمان ـ عليهالسلام ـ فيما روي ـ يأكل الشعير ويطعم أهله الخشكار ، ويطعم المساكين الدّرمك (٤) ، وروي أنّه ما شبع قطّ ، فقيل له في ذلك ؛ فقال : أخاف إن شبعت أن أنسى الجياع.
وقوله تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) يحتمل : أن تكون مخاطبة لآل داود ، ويحتمل : أن تكون مخاطبة لنبيّنا محمد صلىاللهعليهوسلم وعلى كلّ وجه ؛ ففيها تحريض وتنبيه ، قال ابن عطاء الله في «الحكم» : من لم يشكر النعم فقد تعرّض لزوالها ؛ ومن شكرها فقد قيّدها بعقالها.
وقال صاحب «الكلم الفارقية» : لا تغفل عن شكر الصنائع ؛ وسرعة استرجاع الودائع ، وقال أيضا : يا ميّتا نشر من قبر العدم ، بحكم الجود والكرم ، لا تنس سوالف العهود والذّمم ، اذكر عهد الإيجاد ، وذمّة الإحسان والإرفاد ، وحال الإصدار والإيراد ، وفاتحة المبدإ وخاتمة المعاد ، وقال ـ رحمهالله ـ : يا دائم الغفلة عن عظمة ربّه ، أين النّظر في عجائب صنعه ، والتفكّر في غرائب حكمته ، أين شكر ما أفاض عليك من ملابس إحسانه ونعمه ، يا ذا الفطنة ، اغتنم نعمة المهلة ، وفرصة المكنة ، وخلسة السلامة ، قبل حلول الحسرة والنّدامة. انتهى.
(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ
__________________
(١) ينظر : الحديث السابق.
(٢) ينظر : «القرطبي» (٤ / ١٧٧)
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٥٥٢) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤١٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٥٢٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٤٣٠) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وأحمد في «الزهد» ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن ثابت البناني.
(٤) الدّرمك : هو الدقيق الحوّاري.
ينظر : «النهاية» (٢ / ١١٤)