عن فعل السامري بقوله : (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً) ومعنى قوله (جَسَداً) أي شخصا لا روح فيه ، وقيل : معناه جسدا لا يتغذى ، «والخوار» : صوت البقر.
قالت فرقة منهم ابن عباس : كان هذا العجل يخور ويمشي ، وقيل غير هذا (١).
وقوله سبحانه : (فَقالُوا) يعني : بني إسرائيل : (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) موسى إلهه ، وذهب يطلبه في غير موضعه ، ويحتمل أن يكون قوله (فَنَسِيَ) إخبارا من الله تعالى عن السّامريّ ؛ أي : فنسي السامري دينه ، وطريق الحق ، فالنّسيان في التأويل الأول بمعنى الذهول ، وفي الثّاني بمعنى الترك.
ت : وعلى التأويل الأول عوّل البخاري (٢) : وهو الظاهر.
ولقولهم أيضا قبل ذلك : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً) [الأعراف : ١٣٨].
وقول هارون : (فَاتَّبِعُونِي) أي : إلى الطور الّذي واعدكم الله تعالى إليه (وَأَطِيعُوا أَمْرِي) فيما ذكرته لكم ؛ فقال بنو إسرائيل حين وعظهم هارون ، وندبهم إلى الحق : (لَنْ نَبْرَحَ) عابدين لهذا الإله عاكفين عليه ، أي : ملازمين له.
ويحتمل قوله : (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) أي : ببني إسرائيل نحو جبل الطور ، ويحتمل قوله : (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) أي : ألّا تسير بسيري ، وعلى طريقتي في الإصلاح والتسديد.
وقوله : (يَا بْنَ أُمَ) قالت فرقة : إنّ هارون لم يكن أخا موسى إلا من أمه.
قال ع (٣) : وهذا ضعيف. وقالت فرقة : كان شقيقه ؛ وإنما دعاه بالأم استعطافا برحم الأم ، وقول موسى : (فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ) هو كما تقول : ما شأنك ، وما أمرك ، لكن لفظة الخطب تقتضى انتهارا ؛ لأن الخطب مستعمل في المكاره ، و (بَصُرْتُ) بضم الصاد : من البصيرة ، وقرأت فرقة بكسرها (٤) ، فيحتمل أن يراد من البصيرة ، ويحتمل من البصر.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ٥٩)
(٢) ينظر : «البخاري» (٨ / ٢٨٥) كتاب التفسير : باب سورة طه.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٦٠)
(٤) قرأ بها أبو السمّال والأعمش مع فتح صاد «يبصروا».
كما في «مختصر الشواذ» ص ٩٢.
وينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٦١) ، و «البحر المحيط» (٦ / ٢٥٤) ، و «الدر المصون» (٥ / ٤٩) ، و «التخريجات النحوية» ص ٢٩٢.