ويخدشنه إلى يوم القيامة ، ويحشر من قبره إلى موقفه أعمى» (١). انتهى من «التذكرة» فإن صحّ هذا الحديث ، فلا نظر لأحد معه ، وإن لم يصحّ ، فالصواب حمل الآية على عمومها ؛ والله أعلم.
قال الثعلبيّ : قال ابن عباس : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) قال : أجار الله تعالى تابع القرآن من أن يضل في الدنيا ، أو يشقى في الآخرة (٢). وفي لفظ آخر : «ضمن الله تعالى لمن قرأ القرآن ...» الحديث ، وعنه : من قرأ القرآن واتّبع ما فيه ، هداه الله تعالى من الضلالة ووقاه الله تعالى يوم القيامة سوء الحساب. انتهى.
وقوله سبحانه : «ونحشره يوم القيامة أعمى» قالت فرقة : وهو عمى البصر ، وهذا هو الأوجه ، وأما عمى البصيرة ، فهو حاصل للكافر.
وقوله سبحانه : (كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها) النسيان هنا : هو الترك ، ولا مدخل للذهول في هذا الموضع ، و (تُنْسى) أيضا بمعنى : تترك في العذاب.
(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (١٢٨) وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢) وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) (١٣٣)
وقوله سبحانه : (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) المعنى : أفلم (٣) يبين لهم.
__________________
(١) أخرجه أبو يعلى (١١ / ٥٢١ ـ ٥٢٢) رقم (٦٦٤٤) ، وابن حبان (٨٧٢ ـ موارد) ، والطبريّ في «تفسيره» (١٦ / ٢٢٨) من حديث أبي هريرة.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٣ / ٥٨) : رواه أبو يعلى ، وفيه دراج ، وحديثه حسن ، واختلف فيه.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٥٥٧) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا في «ذكر الموت» ، والحكيم الترمذي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.
(٢) أخرجه الطبريّ (٨ / ٤٦٩) برقم (٢٤٤٠٠) بنحوه ، وذكره البغوي (٣ / ٢٣٥) ، وابن كثير (٣ / ١٦٨) ، والسيوطي (٤ / ٥٥٦) ، وعزاه للفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، ومحمد بن نصر ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في «شعب الإيمان» من طريق عن ابن عباس.
(٣) في ج : أو لم.