قلت : وهذا أولى ، وأمّا الأول ففيه نظر ؛ لأنّ تلك الألفاظ المقدّمة كلها غير مرادفة ل «نصرنا» ، انتهى.
قلت : وكذا يظهر من كلام ابن هشام : ترجيح الثاني ، وذكر هؤلاء الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ضرب مثل لقصة نبيّنا محمد صلىاللهعليهوسلم مع قومه ، ونجاة الأنبياء ، وهلاك مكذبيهم ضمنها توعّد لكفّار قريش.
وقوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ) المعنى : واذكر داود وسليمان ، هكذا قدّره جماعة من المفسرين ، ويحتمل أن يكون المعنى : وآتينا داود ، و «النفش» : هو الرعي ليلا ، ومضى الحكم في الإسلام بتضمين أرباب النعم ما أفسدت بالليل ؛ لأنّ على أهلها أن يثقفوها ، وعلى أهل الزروع حفظها بالنهار ، هذا هو مقتضى الحديث في ناقة ابن عازب ، وهو مذهب مالك وجمهور الأمّة ، وفي كتاب ابن سحنون : إن الحديث إنّما جاء في أمثال المدينة التي هي حيطان محدقة ، وأمّا البلاد التي هي زروع متصلة غير محظرة فيضمن أرباب النّعم ما أفسدت بالليل والنهار.
قال ص : والضمير في قوله : (لِحُكْمِهِمْ) يعود على الحاكمين والمحكوم له ؛ وعليه أبو البقاء.
وقيل : الضمير لداود وسليمان ـ عليهماالسلام ـ فقط ، وجمع ؛ لأنّ الاثنين جمع. انتهى.
قال ابن العربيّ في «أحكامه» (١) : المواشي على قسمين : ضوار (٢) ، وغير ضوار ، وهكذا قسّمها مالك ، فالضواري : هي المعتادة بأكل الزرع والثمار ، فقال مالك : تغرّب وتباع في بلد لا زرع فيه ، ورواه ابن القاسم في الكتاب وغيره.
قال ابن حبيب : وإن كره ذلك أربابها ، وكان قول مالك في الدّابّة التي ضربت بفساد الزرع أن تغرّب وتباع ، وأمّا ما يستطاع الاحتراز منه فلا يؤمر صاحبه بإخراجه عن ملكه ، وهذا بيّن. انتهى.
وقوله : (يُسَبِّحْنَ) ، أي : يقلن : سبحان الله ؛ هذا قول الأكثر ، وذهبت فرقة منهم
__________________
(١) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٢٧٠)
(٢) الضرو من السباع : ما ضري بالصيد ولهج بالفرائس.
ينظر : «لسان العرب» (٢٥٨٣)