عليهم : اليهود ، لقوله تعالى في وصفهم (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) [المائدة : ٦٠] والمراد بالضالين : النصارى ، لقوله تعالى في وصفهم : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧)) [المائدة : ٧٧].
آمين : اسم صوت سمي به الفعل الذي هو استجب ، وفيه لغتان : القصر والمد في الألف ، كقوله (١) : ويرحم الله عبدا قال آمينا ، وقوله (٢) : أمين فزاد الله ما بيننا بعدا المعنى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)) أي اهدنا إلى دينك الحق الذي لا يقبل من العباد غيره ، (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) بطاعتك وعبادتك : من ملائكتك ، وأنبيائك ، والصديقين ، والشهداء الذين هم لا مغضوب عليهم ، ولا هم ضالون.
ومعنى طلب الهداية إلى الدين الحق والداعي مهتد إليه طلب زيادة الهدى أو الثبات ؛ و (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) إما أن تكون صفة للذين ، وإما أن تكون بدلا منها ، وإنما جاز كونها صفة مع أنها نكرة والموصوف معرفة لأن الذين أنعمت عليهم لا توقيت فيه كقوله : ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني.
ولأنّ المغضوب عليهم والضالين خلاف المنعم عليهم ، فليس في (غَيْرِ) في هذا الموضوع الإبهام الذي أبى أن تتعرف بالإضافة ، ودخلت (لَا) في قوله : (وَلَا الضَّالِّينَ) لما في (غَيْرِ) من معنى النفي ، كأنه قيل : لا المغضوب عليهم ولا الضالين. ويدل على أن (غَيْرِ) في معنى (لَا) أنه يجوز أن تقول أنا زيدا غير ضارب ، مع امتناع أنا زيدا مثل ضارب ، وإنما جاز الأول ، لأنه بمنزلة أنا زيدا لا ضارب.
حكم قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة
اختلف العلماء في قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة ؛ فذهب بعضهم إلى وجوبها ، وذهب بعضهم إلى عدم وجوبها ، بل الواجب مطلق قراءة. وممن قال بذلك أبو حنيفة ، وقد حدّ أصحابه ما يجب قراءته فقالوا : الواجب ثلاث آيات قصار أو آية طويلة. والقائلون بوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة اختلفوا فمنهم من قال بوجوبها في كل ركعة ، وقيل بوجوبها في أكثر الصلاة. وممن قال بالأول الإمام الشافعي والإمام مالك في أشهر الروايات عنه ، وقد روي عنه أنه «إن قرأها في ركعتين من الرباعية أجزأته». وذهب الحسن البصري إلى أنها تجزئ في ركعة واحدة من الصلاة. وسبب
__________________
(١) صدر البيت : يا رب لا تسلبني حبها أبدا. والقائل هو قيس بن الملوح المشهور بمجنون ليلى.
(٢) جبير بن الأضبط ، انظر المحرر الوجيز (١ / ٨٠).