حَسَناتٍ) [الفرقان : ٧٠] (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ) [الكهف : ٨١] وإلى أحد المفعولين بنفسه والثاني بالباء سواء في ذلك الزائل وبدله ، (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ) [سبأ : ١٦].
وقال طفيل الغنوي لما أسلم :
وبدل طالعي نحسي بسعدي
والمراد بالخبيث والطيب : الحرام والحلال ، أي لا تتركوا مالكم الحلال ، وتأكلوا الحرام من أموالهم ، أو لا تتركوا العمل الحلال ، وهو حفظ أموالهم ، وتركبوا الحرام ، وهو أكل أموالهم ، والعمل على اختزالها ، وأيا ما كان الأمر ؛ فالتعبير عن الحرام والحلال بالخبيث والطيب للتنفير من أكل أموال اليتامى ، والترغيب في حفظها وإنمائها.
وقد قال بعض المفسرين : المراد بالخبيث والطيب الرديء والجيّد ، وإلى ذلك ذهب النخعي ، والزهري ، وابن المسيب ، والسدي : فقد أخرج ابن جرير (١) عنه أنه قال : كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ، ويجعل مكانها الشاة المهزولة ويقول : شاة بشاة ، ويأخذ الدرهم الجيد ، ويضع مكانه الزائف ، ويقول : درهم بدرهم. وتخصيص هذه المعاملة بالنهي لخروجها مخرج العادة ، لا لإباحة ما عداها ، فلا مفهوم لعدم توفّر شرطه عند القائل به.
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) والمراد من الأكل مطلق الانتفاع ، وعبّر عنه بالأكل لأنه أغلب أحواله.
والمعنى : ولا تأكلوا أموالهم مضمومة إلى أموالكم ، أي لا تسوّوا بينهما ، وتنفقوهما معا ، وهذا حلال وذاك حرام ، وورد النهي على هذا الأسلوب يدل على تقبيح فعلهم ، والتشنيع عليهم ، حيث كانوا يأكلون أموال اليتامى مع الغنى عنها.
وإذا لا يلزم القائل بمفهوم المخالفة جواز أكل أموالهم وحدها ، وظاهر النهي عدم جواز أكل شيء من أموال اليتامى ، وقد خص من ذلك مقدار أجر المثل إذا كان الوصيّ فقيرا ، لقوله تعالى : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء : ٦] وسيأتي الكلام فيه.
والضمير في قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) للأكل المفهوم من قوله جل شأنه : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ) ، وقيل : للتبدل ، وقيل : لهما ، ويكون حينئذ منزّلا منزلة اسم الإشارة ، والحوب : الإثم ، وفي تنوينه ووصفه بأنه كبير تهويل لأمره المنهيّ عنه ، والتنصيص على أنه من كبائر الذنوب العظيمة.
__________________
(١) في تفسيره جامع البيان ، المشهور بتفسير الطبري (٤ / ١٥٣).