واسألوا ما شئتم من إحسانه الزائد ، وإنعامه المتكاثر ، فإنه سبحانه يعطيكموه إن شاء.
وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «سلوا الله من فضله ، فإنّ الله يحب أن يسأل ، وإنّ من أفضل العبادة انتظار الفرج» (١).
وقال سفيان بن عيينة : لم يأمر سبحانه بالمسألة إلا ليعطي.
(إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) ولذلك فضل بعض الناس على بعض حسب استعدادهم وتفاوت درجاتهم.
قال الله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٣٣))
شرح المفردات
التنوين في كلمة (كُلِ) عوض عن مضاف إليه مفرد ، سيأتي بيانه.
والموالي جمع مولى ، لفظ مشترك بين معان ، فيقال للسيد المعتق : مولى ، لأنه ولي النعمة في عتقه ، ويسمّى مولى النعمة ، ويقال للعبد المعتق : مولى ، ويقال للحليف : مولى ، ويقال للناصر : مولى ، ويقال للعصبة ، موالي ، وهذا الأخير هو الأليق بهذه الآية الكريمة ، ويؤيده ما روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أنا أولى الناس بالمؤمنين ، من مات وترك مالا فماله للموالي العصبة ، ومن ترك كلا أو ضياعا فأنا وليه» (٢).
والأيمان جمع يمين ، ومعناه هنا اليد اليمنى ، وإسناد العقد إلى الأيمان مجاز ، لأنه كان من عادتهم أن يأخذ بعضهم بيد بعض على الوفاء والتمسك بالعهد.
واختلف المفسرون في تأويل قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) فذكروا لذلك أوجها نجملها لك فيما يلي :
١ ـ ولكلّ إنسان موروث جعلنا وارثا من المال الذي ترك ، وهنا تمّ الكلام ويكون قوله تعالى : (الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) جوابا عن سؤال مقدّر نشأ من الجملة السابقة ، كأنه قيل : ومن الوارث؟ فقيل : الوالدان والأقربون ، أو قيل : ومن هذا الإنسان الموروث؟ فقيل : الوالدان والأقربون ، فالوالدان والأقربون إما أن يكونوا الوارثين أو المورثين ، وعلى كل فالكلام جملتان.
__________________
(١) رواه الترمذي في الجامع الصحيح (٥ / ٥٢٨) ، كتاب الدعوات باب في انتظار الفرج ، حديث رقم (٣٥٧١).
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٣ / ١١٦) ، ٤٣ ـ كتاب الاستقراض ، ١١ ـ باب الصلاة على من ترك دينا حديث رقم (٢٣٩٩) ، ومسلم في الصحيح (٣ / ١٢٣٨) ، ٢٣ ـ كتاب الفرائض ، ٤ ـ باب من ترك مالا ، حديث رقم (١٤ / ١٦١٩).