أن يكون المراد بالذين عقدت أيمانكم الحلفاء.
وأن يكون المراد بالنصيب النصيب في الميراث.
وأن تكون الآية محكمة غير منسوخة.
وقد علمت اختلاف المفسرين من السلف في تأويل الآية ، وأن الذين أوّلوا الموصول بالحلفاء قالوا بنسخ الحكم ، أو حمل النصيب على غير الميراث ، على أنّ الآية في بعض وجوه التأويل تدل على عدم توريثهم ، كما تقدم قريبا عن الجبائي.
وحديث تميم الداري ليس نصا في الميراث ، فإنّه يحتمل أنه أولى بمعونته وحفظه في محياه ومماته ، ومعونته وحفظه بعد موته يكونان بحفظ أولاده ورعاية مصالحهم ومعونتهم ، ومع ذلك فهو معارض بما رواه جبير بن مطعم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة» (١) فهذا الحديث يقتضي بطلان حلف الإسلام ، ومنع التوارث به ، فإذا كان الحديثان متعارضين والآية محتملة لعدة وجوه فالأشبه الرجوع بها إلى ما قاله أئمة التفسير من الصحابة والتابعين مثل ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم ، فإنّهم أعرف منا بالناسخ والمنسوخ ، وقد قالوا : إنها منسوخة بآية الأنفال ، وظاهر قول ابن عباس : «وقد ذهب الميراث» أن الحليف كان له على حليفه النصرة والنصيحة ، وكان له نصيب في تركته ، فلما نزلت آية الأنفال نسخت نصيبه من الميراث وبقي ما كان له من النصرة والمشورة.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) أي أنه سبحانه لم يزل عالما بجميع الأشياء ، مطلعا على جليها وخفيها ، فيعلم من آتى الوارثين حقهم ومن منعهم ، وسيجازي كلّا من المؤتي والمانع على حسب ما عمل ، فهي في هذه الحالة وعد للطائعين ووعيد للعاصين.
قال الله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٤))
قوّام : صيغة مبالغة من القيام على الأمر بمعنى حفظه ورعايته ، فالرجل قوّام على امرأته ، كما يقوم الوالي على رعيته بالأمر والنهي والحفظ والصيانة.
والقنوت : دوام الطاعة.
__________________
(١) رواه مسلم في الصحيح (٤ / ١٩٦١) ، ٤٤ ـ كتاب فضائل الصحابة ، ٥٠ ـ باب مؤاخاة النبي صلىاللهعليهوسلم حديث رقم (٢٠٦ / ٢٥٣٠).