عنهما قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا خرج مسافرا صلّى ركعتين حتى يرجع (١).
وروي عن عمران بن حصين حججت مع النبي صلىاللهعليهوسلم فكان يصلي ركعتين حتى يرجع إلى المدينة ، وقال لأهل مكة : «صلوا أربعا فإنّا قوم سفر» (٢).
وقال ابن عمر : صحبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في السفر ، فلم يزد على ركعتين ، وصحبت أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في السفر ، فلم يزيدوا على ركعتين ، حتى قبضهم الله (٣) ، وقد قال الله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب : ٢١] وقال : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [الأعراف : ١٥٨] وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «صلوا كما رأيتموني أصلي» (٤) وقد كانت صلاته في السفر ركعتين فوجب اتباعه ، وذلك لأننا متفقون على أن لفظ الصلاة في القرآن مجمل يلتحق به البيان ، والبيان فعل الرّسول أو قوله ، وهذا فعله ، وهذا قوله.
وأيضا لو كان مراد الله التخيير بين القصر والإتمام لبيّن ذلك كما بينه في الصوم ، وأما ما ورد عن عثمان فقد اعتذر عنه بأنه قد تأهّل ، فإنّه حين أتم بمنى أنكر عليه الصحابة ، قال : إنما أتممت لأني تأهلت بهذا البلد ، وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من تأهّل ببلد فهو من أهله» (٥).
وقد قالت عائشة فيما روي عنها : أول ما فرضت الصلاة وأتمّ فيحمله الحنفية على قصر الفعل ، وإتمام الحكم جمعا بين الروايات. وأما ظاهر قوله : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) فهم يتأوّلون القصر على قصر الصفة.
وقد ذكر صاحب «الكشاف» (٦) وجها آخر في قوله : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) فقال : إنهم لما ألفوا الإتمام فربما خطر ببالهم أنهم نقصوا في قصر الصلاة ، فنفي الجناح من أجل ذلك.
وظاهر تعليق القصر على الضرب في الأرض يدلّ على القصر في مطلق السفر ، سواء في ذلك السفر للحج والجهاد والتجارة وغيرها ، وأيضا قوله : «صلاة السفر ركعتان» يدل على ذلك.
__________________
(١) رواه الجصاص في أحكام القرآن (٢ / ٢٥٤).
(٢) المرجع نفسه (٢ / ٢٥٤).
(٣) رواه الجصاص في أحكام القرآن (٢ / ٢٥٤).
(٤) رواه البخاري في الصحيح (١ / ١٧٥) ، ١٠ ـ كتاب الأذان ، ١٨ ـ باب الأذان للمسافر حديث رقم (٦٣١).
(٥) رواه أحمد في المسند (١ / ٦٢).
(٦) الإمام الزمخشري في كتابه الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (١ / ٥٥٨).