فالميتتان السمك والجراد ، والدمان الكبد والطحال» ذكره الدارقطني (١).
وحرم الدم أي المسفوح أي السائل من الحيوان عند التذكية ، وأما الدم السائل من الحيوان الحي فقليله وكثيره حرام ، وكانوا يملؤون الأمعاء من الدم ، ويشوونه ، ويأكلونه ، فحرّمه الله ، لأنه قذر يضر الأجسام.
وحرم لحم الخنزير وكذلك شحمه وجلده باتفاق ، وإنما خصّ اللحم بالذكر لأنه المقصود الأهم ، وأما شعره فقال قوم بجواز استعماله في الخرز ، والحقّ أن إباحة استعماله كانت للضرورة ، وقد اندفعت الضرورة باختراع الآلات والأدوات التي تؤدي هذا المعنى بيسر.
وحرم ما أهل لغير الله به ، أي حرم الحيوان الذي أهل أي رفع الصوت لغير الله بسببه أي عند ذبحه ، سواء اقتصر على ذكر غير الله كقوله عند الذبح : باسم المسيح ، أو باسم فلان ، أو جمع بين ذكر الله وذكر غيره بالعطف عليه كقوله باسم الله واسم فلان ، أما بدون العطف كقوله باسم الله المسيح نبي الله ، أو باسم الله محمد رسول الله ، فقال الحنفية : تحل الذبيحة ، ويعتبر ذكر غيره كلاما مبتدأ ، ولكنه يكره الوصل صورة بخلاف العطف : فإنّه يكون نصا في ذكر غير الله.
وحرم المنخنقة أي التي خنقت أو انخنقت بالشبكة أو بغيرها حتى ماتت.
وحرم الموقوذة أي التي ضربت بالخشب أو بالحجر حتى ماتت.
وحرم المتردية أي التي سقطت من علو إلى أسفل ، أو وقعت في بئر فماتت.
وحرم النطيحة التي نطحتها أخرى فماتت بالنطح.
وحرم ما أكل السبع بعضه ومات بجرحه.
وهذه الخمسة تأخذ حكم الميتة التي ماتت حتف أنفها ، لأنها لم تذكّ ذكاة شرعية ، ولم يسل دمها بحيث يخرج جميعه منها ، ثم قال : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) أي إلا ما أدركتموه حيا فذكيتموه.
وتفصيل الكلام في ذلك : أنهم اتفقوا على أن الخنق وما معه إذا لم يبلغ بالحيوان إلى درجة اليأس من حياته بأن غلب على الظن أنه يعيش مع هذه الحالة كانت الذكاة محللة له ، أما إذا غلب على الظن أنه يهلك بما حصل ، فقال قوم : تعمل فيه الذكاة ، وهو المشهور من مذهب الشافعي ، والمنقول عن الزهري وابن عباس ، وهو مذهب الحنفية ، فإنهم يقولون في كتبهم : متى كانت عينه تطرف ، أو ذنبه يتحرك ، أو رجله تركض ، ثم ذكّي فهو حلال ، وقال قوم : لا تعمل فيه الذكاة ، وروي الوجهان عن الإمام مالك رضي الله عنهم أجمعين.
__________________
(١) رواه أحمد في المسند (٢ / ٩٧).