عليه الصلاة والسلام الذي قطعت فيه يد السارق ، وهو الأصل الذي تقطع في مثله يد السارق قدّره بعضهم بثلاثة دراهم ، وبعضهم بأربعة ، وبعضهم بخمسة ، وبعضهم بربع دينار ، وبعضهم بعشرة دراهم ، والأخذ بالأكثر أرجح ، لأنّ الأقل فيه شبهة عدم الجناية ، والشبهة تدرأ الحدود ، ولأنّ التقدير بالأقل يبيح الحد في أقل من العشرة ، والتقدير بالعشرة يحظر الحد فيما هو أقل منها ، والحاظر مقدّم على المبيح.
فالاحتياط في عقوبة القطع يقضي بأنّ اليد لا تقطع إلا في سرقة عشرة دراهم فما فوقها.
وأما اعتبار الحرز ، فلما ورد من أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن حريسة الجبل فقال : «فيها غرامة مثلها ، وجلدات نكالا ، فإذا آواها المراح ، وبلغ ثمن المجن ، ففيها القطع» (١).
ولما ورد من أنه عليهالسلام قال : «ليس في الثمر المعلّق قطع حتى يؤويه الجرين ، فإذا آواه الجرين ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن» (٢) ومنه يعلم أنّ الإحراز شرط في القطع.
والحرز قد يكون بما بني للسكنى وحفظ الأموال ، ومثله المضارب والخيم والفسطاط مما يسكن الناس فيه ، ويحفظون به أمتعتهم.
وقد يكون الحرز بالحافظ في الصحراء والمساجد والرحاب والطرقات أما النوع الأول من الحرز فهو ظاهر ، وأما الثاني فالأصل في كون الحافظ حرزا حديث صفوان بن أمية حين دخل المسجد ونام فيه ، وتوسّد رداءه ، فاستل اللص الرداء من تحت رأسه ، واستيقظ صفوان ، فأدرك اللص وساقه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمر عليه الصلاة والسلام بقطعه ، فقال صفوان : لم أرد هذا يا رسول الله ، هو عليه صدقة.
فقال عليه الصلاة والسلام : «فهلا قبل أن تأتيني به» (٣).
وأما اعتبار عدم الشبهة ، فلما روي واشتهر من قوله عليه الصلاة والسلام : «ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم» (٤).
فلا يقطع من سرق من مال له فيه شركة أو سرق من مدينة مثل دينه ، ولا يقطع
__________________
(١) رواه النسائي في السنن (٧ ـ ٨ / ٤٥٦) ، كتاب قطع السارق ، باب التمر المعلق حديث رقم (٤٩٥٧).
(٢) المرجع نفسه (٤٩٥٨).
(٣) رواه أبو داود في السنن (٤ / ١٢٨) ، كتاب الحدود ، باب فيمن يسرق حديث رقم (٤٣٩٤) والنسائي في السنن (٧ ـ ٨ / ٤٣٨) ، كتاب السرقة ، باب الرجل يتجاوز للسارق حديث رقم (٤٨٩٣) ، وابن ماجه في السنن (٢ / ٨٦٥) ، كتاب الحدود باب من سرق حديث رقم (٢٥٩٥).
(٤) رواه الترمذي في الجامع الصحيح (٤ / ٢٥) ، كتاب الحدود ، باب ما جاء من درء الحدود حديث رقم (١٤٢٤).