أي وهم مواليكم في الدين أيضا ، فليقل أحدكم : يا أخي أو يا مولاي ، يقصد بذلك الأخوة والولاية في الدين.
(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ظاهر السياق أن المراد نفي الجناح عنهم فيما أخطؤوا به من التبني ، وإثبات الجناح عليهم فيما تعمدت قلوبهم من التبني أيضا.
والقائلون بهذا الظاهر مختلفون في المراد بالخطأ ما هو؟
فأخرج ابن جرير (١) وغيره عن مجاهد أنّ المراد بالخطأ الذي رفع عنهم فيه الإثم هو تسميتهم الأدعياء أبناء قبل ورود النهي. وأنّ العمد الذي ثبت فيه الإثم عليهم هو ما كان من ذلك بعد النهي ، فالخطأ هنا معناه الجهل بالحكم.
وأخرج ابن جرير (٢) وغيره عن قتادة أنه قال في الآية : لو دعوت رجلا لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه ، لم يكن عليك بأس ، ولكن ما تعمّدت وقصدت دعاءه لغير أبيه. أي فعليك فيه الإثم ، فعلى رأي مقاتل يكون المراد بالخطأ مقابل العمد. وكلا الأمرين بعد ورود النهي.
وأجاز بعض المفسرين أن يراد العموم في (فِيما أَخْطَأْتُمْ) وفي (ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) ويكون معنى قوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) إلخ نفي الجناح عنهم في الخطأ كله دون العمد ، فيتناول ذلك ؛ لعمومه خطأ التبني وعمده. والكلام حينئذ وارد في العفو عن الخطأ ، كما في قوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» أخرجه ابن ماجه (٣) من حديث ابن عباس.
وكما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني لست أخاف عليكم الخطأ ، ولكن أخاف عليكم العمد» أخرجه ابن مردويه (٤).
(وَكانَ اللهُ غَفُوراً) فيغفر لمن تعمّد قلبه الإثم إذا تاب (رَحِيماً) من رحمته أنّه رفع الإثم عن المخطئ ، ولم يؤاخذه على خطئه.
وظاهر الآية يدلّ على أنه يحرم على الإنسان أن يتعمّد دعوة الولد لغير أبيه ، وذلك محمول على ما إذا كانت الدعوة على الوجه الذي كان في الجاهلية. وأمّا إذا لم تكن كذلك ، كما يقول الكبير للصغير على سبيل التحنن والشفقة : با بني. وكثيرا ما يقع ذلك ، فالظاهر عدم الحرمة.
__________________
(١ و ٢) في تفسيره جامع البيان ، المشهور بتفسير الطبري (٢١ / ٧٦).
(٣) رواه ابن ماجه في السنن (١ / ٦٥٩) ، ١٠ ـ كتاب الطلاق ، ١٦ ـ باب طلاق المكره حديث رقم (٢٠٤٥).
(٤) انظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام السيوطي (٥ / ١٨٢).