لعمومها ، ويكون المعنى : فمتعوهن إن لم يكن مفروضا لهم [مهر عند عقد] النكاح. فوجوب المتعة المستفاد من قوله تعالى : (فَمَتِّعُوهُنَ) خاصّ بمن لم يفرض لها من المطلقات قبل الدخول ، دون من فرض لها ، وبهذا قال ابن عباس ، وهو مذهب الحنفية والشافعية. ويؤيّد ذلك أن المتعة إنما وجبت للمطلقة ، لإيحاش الزوج إياها بالطلاق ، فإذا وجب للمطلقة قبل الدخول نصف المهر كان ذلك جابرا للإيحاش ، فلم تجب لها المتعة.
ومنهم من حمل المتعة في آية الأحزاب على العطاء مطلقا ، فيعم نصف المفروض والمتعة المعروفة في الفقه ، وتكون الآية قد تعرّضت لحكم المطلقة قبل الدخول في صورتيها ، فأوجبت لها على المطلّق شيئا تتمتّع به ، وتزول به وحشتها ، إلا أن ذلك الشيء في صورة الفرض مقدّر بنصف المفروض بالنص ، وفي صورة عدم الفرض غير مقدّر ، فإن اتفقا على شيء فذاك ، وإلا قدّرها القاضي بنظره واجتهاده ، معتبرا حالهما إيسارا وإعسارا ، وما يليق بنسب المرأة وكرامتها.
ومنه من حمل الأمر في قوله تعالى : (فَمَتِّعُوهُنَ) على الإذن الشامل للوجوب والندب ، مع بقاء المتعة على معناها المعروف ، فتكون الآية قد تعرّضت لحكم المطلقة قبل الدخول في صورتيها أيضا ، إلا أنّه في صورة عدم الفرض يكون التمتيع واجبا ، لقوله تعالى في هذه الصورة بخصوصها : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ ...) وفي صورة الفرض الصحيح يكون التمتيع مستحبّا ، لأنّه من الفضل المندوب إليه بقوله تعالى في هذه الصورة بخصوصها : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) وقد تقدّم لك ما في ذلك في تفسير سورة البقرة.
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥٠))
الكلام على ربط الآية بما قبلها واضح بيّن. فقد كان الكلام هناك في أنكحة المؤمنين. وأحكامها. وهنا في نساء النبي صلىاللهعليهوسلم اللاتي يحلّ له نكاحهن ، وأحكام أخرى تتبع النكاح.
والمراد من الأجور هنا : المهور والصدقات. وسميت الصدقات أجورا في هذا الموضع وغيره من القرآن الكريم لما يظهر للناس بادئ الرأي أنّ في العقد تقابلا بين