حملك على ذلك»؟ فقال : رأيت خلخالها في ضوء القمر. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فاعتزلها حتى تكفّر» فحكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بوجوب الكفارة على من وطئ قبل أن يكفّر ، وإلى ذلك ذهب الأئمة الأربعة وأكثر المجتهدين.
ويروى عن مجاهد في الرجل يطأ قبل أن يكفّر أنّ عليه كفارتين ، وصحّ مثله عن ابن عمر وعمرو بن العاص رضي الله عنهم ، ووجه قولهم : أنّ إحدى الكفارتين للظهار الذي اقترن به العود. والثانية للوطء المحرم ، كالوطء في نهار رمضان ، وكوطء المحرم. وعن الحسن وإبراهيم أنّ عليه ثلاث كفارات ، ولا يعلم لذلك وجه إلا أن يكون عقوبة على إقدامه على الحرام ، وحكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدلّ على خلاف هذه الأقوال.
(ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) أي الحكم بالكفارة ، تزجرون به عن مباشرة ما يوجبه (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) عالم بجميع أعمالكم ، ظواهرها وبواطنها ، ومجازيكم عليها كلها ، فحافظوا على حدود ما شرع لكم ، ولا تخلّوا بشيء منه.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤)).
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) أي فمن لم يجد الرقبة فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا.
والمراد بمن لم يجد الرقبة من لم يملك الرقبة ؛ ولا ثمنها فاضلا عن قدر كفايته ، واختلفت مذاهب الفقهاء في بيان قدر الكفاية ، ومحلّ ذلك كتب الفروع ، وكذلك اختلفوا في اعتبار وقت اليسار والإعسار. فذهب مالك والشافعي في أظهر أقواله إلى اعتبار ذلك بوقت التكفير والأداء ، لأنّ الكفّارة عبادة لها بدل من غير جنسها ، كالوضوء والتيمم ، والقيام من الصلاة والقعود فيها ، فاعتبر وقت أدائها.
وذهب أحمد والشافعي في أحد أقواله إلى اعتبار ذلك بوقت الوجوب ، تغليبا لشائبة العقوبة ، كما لو زنى قنّ ثم عتق ، فإنّه يحدّ حدّ القنّ.
وقد جرى عرف الشارع على اعتبار الشهور بالأهلة ، فلا فرق بين التام والناقص ، فمن بدأ بالصوم في أول الشهر كمّل الشهرين بالهلال ، ولو اتفق أنهما ناقصان أجزأه ذلك إجماعا. ومن بدأ بالصوم في أثناء الشهر ـ فقد اختلفوا فيه ، فقال الشافعية : بحسب الشهر بعده بالهلال لتمامه ، ويتم الأول من الثالث ثلاثين يوما ، لتعذّر الهلال فيه. وقال الحنفية : لا بدّ من ستين يوما.
أوجبت الآية التتابع في صيام الشهرين ، فلو أفطر يوما منهما ؛ ولو الأخير من غير عذر ، انقطع التتابع ، ولزمه الاستئناف اتفاقا. ومن صور الفطر بغير عذر أن