الأشعري رضي الله عنه : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «إن الله عزوجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» وقوله عزوجل : (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) أي يمحوها إذا تابوا (وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) يعين من خير وشر فيجازيهم عليهم.
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦) وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨))
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) يعني يجيب المؤمنون الله تعالى فيما دعاهم لطاعته وقيل معناه ويجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات إذا دعوه ، وقال ابن عباس : ويثبت الذين آمنوا (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي سوى ثواب أعمالهم تفضلا منه ، وقال ابن عباس : يشفعهم في إخوانهم ويزيدهم من فضله ، قال في إخوان إخوانهم (وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) قوله عزوجل : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ) قال خباب بن الأرت : فينا نزلت هذه الآية وذلك أنا نظرنا إلى أموال بني قريظة والنضير وبني قينقاع فتمنيناها فأنزل الله تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ) أي وسع الله الرزق لعباده (لَبَغَوْا) أي لطغوا وعتوا (فِي الْأَرْضِ) قال ابن عباس : بغيهم طلبهم منزلة بعد منزلة ومركبا بعد مركب وملبسا بعد ملبس ، وقيل : إن الإنسان متكبر بالطبع فإذا وجد الغنى والقدرة رجع إلى مقتضى طبعه وهو التكبر وإذا وقع في شدة ومكروه وفقر انكسر فرجع إلى الطاعة والتواضع ، وقيل : إن البغي مع القبض والفقر أقل ومع البسط والغنى أكثر لأن النفس مائلة إلى الشر لكنها إذا كانت فاقدة لآلاته كان الشر أقل وإذا كانت واجدة لها كان الشر أكثر فثبت أن وجدان المال يوجب الطغيان (وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) يعني الأرزاق نظرا لمصالح عباده وهو قوله تعالى : (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) والمعنى أنه تعالى عالم بأحوال عباده وبطبائعهم وبعواقب أمورهم فيقدر أرزاقهم على وفق مصالحهم يدل على ذلك ما روى أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن جبريل عن الله عزوجل قال «يقول الله عزوجل من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وإني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث الحرد ، وما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه وما يزال عبدي المؤمن يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة فأكفه عنه أن لا يدخله عجب فيفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الغنى لو أفقرته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك إني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير» أخرجه البغوي بإسناده.
قوله عزوجل : (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) أي يئس الناس منه وذلك أدعى لهم إلى الشكر قيل حبس الله المطر عن أهل مكة سبع سنين حتى قنطوا ثم أنزل الله عزوجل المطر فذكرهم نعمته لأن الفرح بحصول النعمة بعد الشدة أتم (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) أي يبسط بركات الغيث ومنافعه وما يحصل به من الخصب (وَهُوَ الْوَلِيُ) أي لأهل طاعته (الْحَمِيدُ) أي المحمود على ما يوصل إلى الخلق من أقسام رحمته.
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩) وَما