قال قتادة : ذكر لنا أن ابن مسعود لما قدم الكوفة رأى شيوخا شمطا من الزط فأفزعوه حين رآهم ثم قال أظهروا؟ فقيل له : إن هؤلاء قوم من الزط. فقال : ما أشبههم بالنفر. الذين صرفوا إلي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة الجن قلت حديث التوضؤ بنبيذ التمر ضعيف ذكره البيهقي في كتابه الخلافيات بأسانيده وأجاب عنها كلها.
والذي صح عن علقمة قال : قلت لابن مسعود : هل صحب النبي صلىاللهعليهوسلم ليلة الجن منكم أحد؟ قال : ما صحبه منا أحد ولكنا كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات ليلة فقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا استطير أو اغتيل فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء فقلنا يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا ليلة بات قوم قال أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن قال : فانطلق بنا فأرنا آثارهم وآثار نيرانهم وسألوه الزاد فقال لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم الجن. زاد في رواية قال الشعبي : وكانوا من جن الجزيرة أخرجه مسلم في صحيحه وأما تفسير الآية : فقوله تعالى : وإذ صرفنا إليك الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم يعني واذكر إذ بعثنا إليك يا محمد نفرا من الجن.
واختلفوا في عدد أولئك النفر فقال ابن عباس : كانوا سبعة من جن نصيبين فجعلهم رسول الله رسلا إلى قومهم. وقال آخرون : كانوا تسعة. وروي عن زر بن حبيش قال : كان زوبعة من التسعة الذين استمعوا القرآن. وروي أن الجن ثلاثة أصناف : صنف منهم لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء وصنف على صور الحيات والكلاب وصنف يحلون ويظعنون ونقل بعضهم أن أولئك الجن كانوا يهودا فأسلموا. قالوا في الجن ملل كثيرة مثل الإنس ففهم اليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأصنام وفي مسلمهم مبتدعة ومن يقول بالقدر وخلق القرآن ونحو ذلك من المذاهب والبدع وأطبق المحققون من العلماء على أن الكل مكلفون. سئل ابن عباس هل للجن ثواب؟ فقال : نعم وعليهم عقاب (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ) الضمير يعود إلى القرآن يعني : فلما حضروا القرآن وقيل يحتمل أنه يعود على الرسول صلىاللهعليهوسلم. ويكون المعنى : فلما حضروا رسول الله صلىاللهعليهوسلم. لأجل استماع القرآن (قالُوا أَنْصِتُوا) يعني قال بعضهم لبعض اسكتوا لنسمع قراءته ولا يحول بيننا وبين سماعه شيء فأنصتوا واستمعوا القرآن حتى كاد يقع بعضهم على بعض من شدة حرصهم على سماعه (فَلَمَّا قُضِيَ) أي فرغ من قراءته (وَلَّوْا) أي رجعوا (إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) يعني داعين لهم إلى الإيمان مخوفين لهم من المخالفة ذلك بأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم لهم وذلك بعد إيمانهم لأنهم لا يدعون غيرهم إلى سماع القرآن والتصديق إلا بعد إيمانهم به وتصديقهم له.
(قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٢) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣))
(قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً) قال عطاء : كان دينهم اليهودية ولذلك (قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) يعني من الكتب الإلهية المنزلة من السماء وذلك أن كتب الأنبياء كانت مشتملة على الدعوة إلى التوحيد وتصديق الأنبياء والإيمان بالمعاد والحشر والنشر وجاء هذا الكتاب وهو القرآن المنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم كذلك فذلك هو تصديقه لما بين يديه من الكتب (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) يعني : يهدي إلى دين الحق وهو دين الإسلام ويهدي إلى طريق الجنة (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ