أدم شبه الجراب يوضع فيه السيف مغمودا ويعلق في مؤخرة الرحل. قوله : يرسف بضم السين وكسرها لغتان ، وهو : مشي المقيد. قوله : فأجره لي. قال ابن الأثير : يجوز أن يكون بالزاي من الإجازة أي اجعله جائزا غير ممنوع ولا محرم أو أطلقه لي وإن كان بالراء المهملة فهو من الإجارة والحماية والحفظ وكلاهما صالح في هذا الموضوع.
قوله : فلم نعطى الدنية ، أي القضية التي لا نرضى بها أي لم نرض بالأدون والأقل في ديننا؟ قوله : فاستمسك بغرزه الغرز لكور الناقة كالركاب لسرج الفرس والمعنى : فاستمسك به ولا تفارقه ساعة كما لا تفارق رجل الراكب غرز رحله فإنه على الحق الذي لا يجوز لأحد تركه. قوله : ويل أمه ، هذه كلمة تقال للواقع فيما يكره ويتعجب بها أيضا ، ومسعر الحرب أي موقدها. يقال : سعرت النار وأسعرتها إذا أوقدتها. والمسعر : الخشب الذي توقد به النار وسيف البحر بكسر السين جانبه وساحله والله أعلم وأما تفسير الآية فقوله عزوجل :
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥))
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، يعني كفار مكة ، (وَصَدُّوكُمْ) أي منعوكم (عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أن تطوفوا به (وَالْهَدْيَ) أي وصدوا الهدي وهو البدن التي ساقها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكانت سبعين بدنة (مَعْكُوفاً) أي محبوسا (أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) أي منحره وحيث يحل نحره وهو الحرم (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) يعني المستضعفين بمكة (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) أي لم تعرفوهم (أَنْ تَطَؤُهُمْ) أي بالقتل وتوقعوا بهم (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي إثم وقيل : غرم الدية ، وقيل : كفارة قتل الخطأ ، لأن الله أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة دون الدية. وقيل : هو أن المشركين يعتبونكم ويقولون : قتلوا أهل دينهم.
والمعرة : المشقة يقول : لو لا أن تطئوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم فيلزمكم به كفارة أو سيئة وجواب لو لا محذوف تقديره لأذن لكم في دخول مكة ولكنه حال بينكم وبين ذلك لهذا السبب (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) أي في دين الإسلام من يشاء من أهل مكة بعد الصلح وقيل دخولها (لَوْ تَزَيَّلُوا) أي لو تميزوا المؤمنين من الكفار (لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) أي بالسبي والقتل بأيديكم وقيل : لعذبنا جواب لكلامين أحدهما لو لا رجال. والثاني : لو تزيلوا. ثم قال : ليدخل الله في رحمته من يشاء يعني المؤمنين والمؤمنات في رحمته أي في جنته. قال قتادة : في الآية إن الله تعالى يدفع بالمؤمنين عن الكفار كما دفع بالمستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة.
(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٢٦) لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧))
قوله تعالى : (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) أي الأنفة والغضب وذلك حين صدوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه عن البيت ومنعوا الهدي محله ولم يقروا ببسم الله الرّحمن الرّحيم وأنكروا أن يكون محمد رسول