الحديث «تراصوا في الصف» ومعنى الآية إن الله يحب من يثبت في الجهاد في سبيله ويلزم مكانه كثبوت البناء المرصوص.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) أي واذكر يا محمد لقومك إذ قال موسى لقومه بني إسرائيل (يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي) قيل : إنهم كانوا يؤذونه بأنواع من الأذى التعنت منها قولهم أرنا الله جهرة وقولهم لن نصبر على طعام واحد ومنها أنهم رموه بالأدرة (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) يعني تؤذونني وأنتم عالمون علما قطعيا أني رسول الله إليكم والرسول يعظم ويوقر ويحترم ولا يؤذي (فَلَمَّا زاغُوا) أي عدلوا ومالوا عن الحق (أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) أي أمالها عن الحق إلى غيره (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أي لا يهدي من سبق في علمه أنه فاسق خارج عن طاعته وهدايته وهذا تنبيه على عظم إيذاء الرسل حتى إن أذاهم يؤدي إلى الكفر وزيغ القلوب عن الهدى (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) أي إني رسول أرسلت إليكم بالوصف الذي وصفت به في التوراة (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) أي مقر معترف بأحكام التوراة وكتب الله وأنبيائه جميعا ممن قد تقدم (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي) أي يصدق بالتوراة على مثل تصديقي فكأنه قيل ما اسمه فقال (اسْمُهُ أَحْمَدُ) عن أبي موسى قال «أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصحابه أن يأتوا النجاشي» وذكر الحديث ، وفيه قال سمعت النجاشي يقول أشهد أن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشر به عيسى ولو لا ما أنا فيه من الملك وما تحملت من أمر الناس لأتيته حتى أحمل نعليه» أخرجه أبو داود وعن عبد الله بن سلام قال مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى ابن مريم يدفن معه فقال أبو داود المدني قد بقي في البيت موضع قبر أخرجه الترمذي عن كعب الأحبار أن الحواريين قالوا لعيسى صلىاللهعليهوسلم يا روح الله هل بعدنا من أمة؟ قال نعم (١) يأتي بعدكم أمة حكماء علماء أبرار أتقياء كأنهم في الفقه أنبياء يرضون من الله باليسير من الرزق ويرضى الله منهم باليسير من العمل (ق) عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي يوم القيامة وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي وقد سماه الله تعالى رؤوفا رحيما» وأحمد يحتمل معنيين أحدهما أنه مبالغة من الفاعل ومعناه أن الأنبياء كلهم حمادون لله عزوجل وهو أكثر حمدا لله من غيره والثاني أنه مبالغة من المفعول ومعناه أن الأنبياء كلهم محمودون لما فيهم من الخصال الحميدة وهو أكثر مبالغة وأجمع للفضائل والمحاسن والأخلاق التي يحمد بها من غيره ، (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ) قيل هو عيسى صلىاللهعليهوسلم وقيل هو محمد صلىاللهعليهوسلم (قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي ظاهر.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٨) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤))
__________________
(١) قوله قال نعم إلخ كذلك في نسخة وفي أخرى قال نعم أمة أحمد حكماء ا ه من هامش.