قد نزل فيك آي شداد فاذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستغفر لك فلوى رأسه وقال أمرتموني أن أؤمن فآمنت وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت فما بقي إلا أن أسجد لمحمد صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) الآية ونزل.
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩))
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) أي يتفرقوا عنه (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعني بيده مفاتيح الرزق فلا يعطي أحد أحدا شيئا إلا بإذنه ولا يمنعه إلا بمشيئته (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) يعني أن أمر الله إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ) يعني من غزوة بني المصطلق (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) فرد الله عليهم بقوله (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) فعزة الله تعالى قهره وغلبته على من دونه وعزة رسوله صلىاللهعليهوسلم إظهار دينه على الأديان كلها وعزة المؤمنين نصر الله إياهم على أعدائهم (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) أي ذلك لو علموا ما قالوا هذه المقالة قال أصحاب السير فلما نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي ابن سلول لم يلبث إلا أياما قلائل حتى اشتكى ومات على نفاقه.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ) أي لا تشغلكم (أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) يعني عن الصلوات الخمس والمعنى لا تشغلكم أموالكم ولا أولادكم كما شغلت المنافقين عن ذكر الله (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أي ومن شغله ماله وولده عن ذكر الله (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) أي في تجارتهم حيث آثروا الفاني على الباقي.
(وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١١))
(وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) قال ابن عباس يريد زكاة الأموال (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) أي دلائل الموت ومقدماته وعلاماته فيسأل الرجعة (فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي) أي هلا أمهلتني وقيل لو أخرت أجلي (إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) أي فأزكي مالي (وَأَكُنْ) وقرئ وأكون (مِنَ الصَّالِحِينَ) أي المؤمنين وقيل نزلت هذه الآية في المنافقين ويدل على هذا أن المؤمن لا يسأل الرجعة وقيل نزلت في المؤمنين والمراد بالصلاح هنا الحج قال ابن عباس : ما من أحد يموت وكان له مال ولم يؤد زكاته أو أطاق الحج ولم يحج إلا سأل الرجعة عند الموت وقرأ هذه الآية (وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) أي أحج وأزكي (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها) يعني أنه تعالى لا يؤخر من حضر أجله وانقضت مدته (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) يعني أنه لو رد إلى الدنيا وأجيب إلى ما سأل ما حج وما زكى وقيل هو خطاب شائع لكل عامل عملا من خير أو شر ، والله سبحانه وتعالى أعلم.