وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وإنما أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك فأرسل إليه أبو طالب فدعا به فلما أتى النبي صلىاللهعليهوسلم إليه قال له يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل على قومك فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «وماذا يسألونني» قالوا ارفض آلهتنا وندعك وإلهك فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم» فقال أبو جهل لله أبوك لنعطينكها وعشرة أمثالها فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «قولوا لا إله إلا الله» فنفروا من ذلك وقالوا أجعل الآلهة إلها واحدا كيف يسمع الخلق إله واحد (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) أي عجب (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ) أي من مجلسهم الذي كانوا فيه عند أبي طالب (أَنِ امْشُوا) أي يقول بعضهم لبعض امشوا (وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) أي اثبتوا على عبادة آلهتكم (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) أي لأمر يراد بنا وذلك أن عمر رضي الله عنه لما أسلم وحصل للمسلمين قوة بمكانه قالوا إن هذا الذي نراه من زيادة أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم لشيء يراد بنا وقيل يراد بأهل الأرض وقيل يراد بمحمد صلىاللهعليهوسلم أن يملك علينا (ما سَمِعْنا بِهذا) أي بالذي يقوله محمد من التوحيد (فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) قال ابن عباس يعنون النصرانية لأنها آخر الملل وإنهم لا يوحدون الله بل يقولون ثالث ثلاثة وقيل يعنون ملة قريش وهي دينهم الذي هم عليه (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) أي كذب وافتعال (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) أي القرآن (مِنْ بَيْنِنا) أي يقول أهل مكة ليس هو بأكبرنا ولا أشرفنا قال الله تعالى : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) أي وحيي وما أنزلت (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) أي لو ذاقوه لما قالوا هذا القول.
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠) جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢))
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) يعني مفاتيح النبوة يعطونها من شاؤوا (الْعَزِيزِ) أي في ملكه (الْوَهَّابِ) الذي وهب النبوة لمحمد صلىاللهعليهوسلم (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) أي ليس لهم ذلك (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) يعني إن ادعوا شيئا من ذلك فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء ليأتوا منها بالوحي إلى من يختارون. وقيل أراد بالأسباب أبواب السماء وطرقها من سماء إلى سماء وهذا أمر توبيخ وتعجيز (جُنْدٌ ما هُنالِكَ) أي هؤلاء الذين يقولون هذا القول جند ما هنالك (مَهْزُومٌ) أي مغلوب (مِنَ الْأَحْزابِ) يعني أن قريشا من جملة الأجناد الذين تجمعوا وتحزبوا على الأنبياء بالتكذيب فقهروا وأهلكوا أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين فجاء تأويلها يوم بدر وهناك إشارة إلى مصارعهم ببدر ثم قال عزوجل معزيا لنبيه صلىاللهعليهوسلم (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) قال ابن عباس : ذو البناء المحكم. وقيل ذو الملك الشديد الثابت والعرب تقول هو في عز ثابت الأوتاد يريدون بذلك أنه دائم شديد وقال الأسود بن يعفر :
ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة |
|
في ظل ملك ثابت الأوتاد |
وقيل ذو قوة وأصل هذا أن بيوتهم تثبت بالأوتاد ، وقيل ذو القوة والبطش. وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما والجنود والجموع الكثيرة يعني أنهم يقرون أمره ويشدون ملكه كما يقوي الوتد الشيء وسميت الأجناد أوتادا لكثرة المضارب التي كانوا يضربونها ويوتدونها في أسفارهم وقيل الأوتاد جمع الوتد وكانت له أوتاد يعذب الناس عليها ، فكان إذا غضب على أحد مده مستلقيا بين أربعة أوتاد يشد كل طرف منه إلى وتد فيتركه حتى يموت. وقيل يرسل عليه العقارب والحيات. وقيل كانت له أوتاد وأحبال وملاعب يلعب عليها بين يديه.
(وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦) اصْبِرْ عَلى ما