فحينئذ تقول الجن للإنس : نحن نأتيكم بالخبر ، فينطلقون إلى البحر ، فإذا هو نار تأجج ، فبينما هم كذلك إذ انصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى ، وإلى السماء السابعة العليا ، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم ، وعن ابن عباس قال : هي اثنتا عشرة خصلة ستة في الدنيا ، وستة في الآخرة ، وهي ما ذكر بعد هذه. وهو قوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) روى النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن هذه الآية ، فقال : يقرن بين الرّجل الصّالح مع الرجل الصالح في الجنة ، ويقرن بين الرجل السّوء مع الرجل السوء في النّار ، وقيل ألحق كل امرئ بشيعته اليهود باليهود ، والنصارى بالنصارى ، وقيل يحشر الرجل مع صاحب عمله ، وقيل زوّجت النّفوس بأعمالها ، وقيل زوّجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرنت نفوس الكافرين بالشّياطين ، وقيل معنى زوّجت ردت الأرواح إلى الأجساد.
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣))
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) يعني الجارية التي دفنت ، وهي حية سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب ، فيئدها ، أي يثقلها حين تموت ، وكانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية. تدفن البنات حية مخافة العار ، والحاجة ، وروي عن ابن عباس قال : كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت ، وكان أوان ولادتها حفرت حفيرة ، فتمخضت على رأس الحفيرة فإن ولدت جارية رمت بها في الحفيرة ، وإذا ولدت غلاما حبسته ، وقيل كان الرجل في الجاهلية إذا ولدت له بنت ، وأراد بقاءها حية ألبسها جبة صوف ، أو شعر وتركها ترعى الإبل ، والغنم في البادية ، وإذا أراد قتلها تركها حتى تشب ، فإذا بلغت قال لأمها طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها ، وقد حفر بئرا في الصّحراء ، فيبلغ بها البئر فيقول لها : انظري فيها ، فإذا نظرت دفعها من ورائها ، ويهيل عليها التراب حتى تستوي بالأرض ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «الوائدة ، والموءودة في النّار» أخرجه أبو داود ، وكان صعصعة بن ناجية ممن منع الوأد ، ولم يئد فافتخر به الفرزدق في شعره فقال :
ومنا الذي منع الوائدات |
|
وأحيا الوئيد فلم توأد |
(بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) معناه تسأل الموءودة ، فيقال لها ، بأي ذنب قتلت ، ومعنى سؤالها لها توبيخ قاتلها. لأنها قتلت بغير ذنب. (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) يعني صحائف الأعمال تنشر للحساب (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) أي نزعت ، وطويت ، وقيل قلعت كما يقلع السقف ، وقيل كشفت ، وأزيلت عمن فيها. (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) أوقدت لأعداء الله تعالى (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) أي قربت لأولياء الله.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤) فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢))
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) يعني عند ذلك تعمل كل نفس ما أحضرت من خير ، أو شر وهذا جواب لقوله إذا الشّمس كورت إلى هنا.
قوله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ) لا زائدة والمعنى أقسم ، وقد تقدم ذلك في قوله (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ).
(بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) يعني النّجوم تبدو بالليل ، فتظهر ، وتخنس بالنهار تحت نور الشّمس ، ونحو هذا المعنى روي عن علي بن أبي طالب ، وقيل هي النّجوم الخمسة زحل ، والمشتري ، والمريخ ، والزهرة ، وعطارد ،