التّطوع والاعتكاف لأن ذلك استيفاء مصلحة إلا أن يأذن فيه المولى أو الزوج (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى) يعني العبد المنهي وهو النبي صلىاللهعليهوسلم (أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) يعني في الإخلاص والتوحيد (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ) يعني أبا جهل (وَتَوَلَّى) أي عن الإيمان وتقدير نظم الآية أرأيت الذي ينهي عبدا إذا صلّى وهو على الهدى آمر بالتّقوى والنّاهي مكذب متول عن الإيمان أي أعجب من هذا (أَلَمْ يَعْلَمْ) يعني أبا جهل (بِأَنَّ اللهَ يَرى) يعني يرى ذلك الفعل فيجازيه به ، وفيه وعيد شديد وتهديد عظيم (كَلَّا) أي لا يعلم ذلك أبو جهل (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) يعني عن إيذاء محمد صلىاللهعليهوسلم وعن تكذيبه (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) أي لنأخذن بناصيته فلنجرنه إلى النّار ، يقال سفعت بالشيء إذا أخذته وجذبته جذبا شديدا والناصية شعر مقدم الرأس والسفع الضرب أي لنضربن وجهه في النار ، ولنسودن وجهه ولنذلنه ثم قال على البدل (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) أي صاحبها كاذب خاطئ.
قال ابن عباس : لما نهى أبو جهل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة انتهره رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال أبو جهل : أتنتهرني فو الله لأملأن عليك هذا الوادي إن شئت خيلا جردا ، ورجالا مردا وعن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلي فجاءه أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف النبي صلىاللهعليهوسلم فزبره فقال أبو جهل إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني فأنزل الله تعالى (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) قال ابن عباس : والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله أخرجه التّرمذي ، وقال حديث حسن غريب صحيح ، ومعنى فليدع ناديه أي عشيرته وقومه فلينتصر بهم ، وأصل النادي المجلس الذي يجمع الناس ، ولا يسمى ناديا ما لم يكن فيه أهله (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) يعني الملائكة الغلاظ الشداد قال ابن عباس : يريد زبانية جهنم سموا بذلك لأنهم يدفعون أهل النّار إليها بشدة مأخوذ من الزّبن وهو الدفع (كَلَّا) أي ليس الأمر على ما هو عليه أبو جهل (لا تُطِعْهُ) أي في ترك الصّلاة (وَاسْجُدْ) يعني صل لله (وَاقْتَرِبْ) أي من الله (م) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء» وهذه السّجدة من عزائم سجود التلاوة عند الشّافعي فيسن للقارئ ، والمستمع أن يسجد عند قراءتها يدل عليه ما روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال «سجدنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في اقرأ باسم ربك وإذا السماء انشقت» أخرجه مسلم والله سبحانه وتعالى أعلم.