الخيل ، وكذا إيراء النار بحوافرها ، وإثارة الغبار أيضا ، وإنما أقسم الله بخيل الغزاة لما فيها من المنافع الدينية ، والدنيوية ، والأجر ، والغنيمة ، وتنبيها على فضلها ، وفضل رباطها في سبيل الله عزوجل ، ولما ذكر الله تعالى المقسم به ذكر المقسم عليه. فقال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) أي لكفور وهو جواب القسم قال ابن عباس : الكنود الكفور الجحود لنعمة الله تعالى ، وقيل الكنود هو العاصي ، وقيل هو الذي يعد المصائب ، وينسى النّعم ، وقيل هو قليل الخير مأخوذ من الأرض الكنود ، وهي التي لا تنبت شيئا ، وقال الفضيل بن عياض الكنود : الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان ، وضده الشّكور الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) قال أكثر المفسرين : وإن الله على كونه كنود الشّاهد ، وقيل الهاء راجعة إلى الإنسان ، والمعنى أنه شاهد على نفسه بما صنع (وَإِنَّهُ) يعني الإنسان (لِحُبِّ الْخَيْرِ) أي المال (لَشَدِيدٌ) أي لبخيل والمعنى أنه من أجل حب المال لبخيل ، وقيل معناه وإنه لحب المال وإيثار الدّنيا لقوي شديد (أَفَلا يَعْلَمُ) يعني هذا الإنسان (إِذا بُعْثِرَ) أي أثير وأخرج (ما فِي الْقُبُورِ) يعني من الموتى (وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) أي ميز وأبرز ما فيها من الخير والشر (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ) أي جمع الكناية لأن الإنسان اسم جنس (يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) أي عالم والله تعالى خبير بهم في ذلك اليوم ، وفي غيره ، ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم على كفرهم وإنما خص أعمال القلوب بالذّكر في قوله ، (وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) لأن أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ، فإنه لو لا البواعث والإرادات التي في القلوب لما حصلت أعمال الجوارح والله أعلم.