أجل الحياة إلى الموت (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي ما في هذه الأحوال العجيبة من القدرة الباهرة الدالة على توحيده وقدرته (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي يكونه من غير كلفة ولا معاناة ولا تعب وكل ذلك من كمال قدرته على الإحياء والإماتة وسائر ما ذكر من الأفعال الدالة على قدرته كأنه قال من الاقتدار إذا قضى أمرا كان أهون شيء وأسرعه.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) يعني القرآن (أَنَّى يُصْرَفُونَ) أي عن دين الحق وقيل نزلت في القدرية.
(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ (٧٤) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (٧٨))
(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) فيه وعيد وتهديد ثم وصف ما أوعدهم به فقال تعالى : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) يعني يجرون بتلك السلاسل (فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) يعني توقد بهم النار (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) يعني الأصنام (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) أي فقدناهم فلم نرهم (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) قيل إنهم أنكروا عبادتها ، وقيل لم نكن ندعوا شيئا ينفع ويضر ، وقيل ضاعت عبادتنا لها فكأنا لم نكن ندعو من قبل شيئا (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) أي كما أضل هؤلاء (ذلِكُمْ) أي العذاب الذي نزل بكم (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ) أي تبطرون وتأشرون (فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) أي تختالون وتفرحون به (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) يعني السبعة (خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) يعني عن الإيمان.
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم أي بنصرك على الأعداء (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) أي من العذاب في حياتك (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) أي قبل أن يحل ذلك بهم (فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ) أي خبره وحاله في القرآن (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) أي لم نذكر لك حال الباقين منهم وليس منهم أحد إلا أعطاه الله تعالى آيات ومعجزات ، وقد جادله قومه وكذبوه فيها وما جرى عليهم يقارب ما جرى عليك فصبروا وهذا تسلية لنبيه صلىاللهعليهوسلم (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) يعني بأمره وإرادته (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) أي قضاؤه بين الأنبياء والأمم (قُضِيَ بِالْحَقِ) يعني بالعدل (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) يعني الذين يجادلون في آيات الله بغير حق وفيه وعيد وتهديد لهم.
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٧٩) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٨٠) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ