إهلاكهم (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) يعني من كتابك وصدقك (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) يعني يعود نفع إيمانه وعمله لنفسه (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) يعني ضرر إساءته أو كفره يعود على نفسه أيضا (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) يعني فيعذب غير المسيء.
قوله عزوجل : (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) يعني إذا سأل عنها سائل قيل له لا يعلم وقت قيام الساعة إلا الله تعالى ولا سبيل للخلق إلى معرفة ذلك (وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها) أي من أوعيتها ، وقال ابن عباس : هو الكفرى قبل أن ينشق (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) أي يعلم قدر أيام الحمل وساعاته ومتى يكون الوضع وذكر الحمل هو أم أنثى ومعنى الآية كما يرد إليه علم الساعة فكذلك يرد إليه علم ما يحدث من كل شيء كالثمار والنتاج وغيره.
فإن قلت قد يقول الرجل الصالح من أصحاب الكشف قولا فيصيب فيه وكذلك الكهان والمنجمون.
قلت أما أصحاب الكشف إذا قالوا قولا فهو من إلهام الله تعالى واطلاعه إياهم عليه فكان من علمه الذي يرد إليه وأما الكهان والمنجمون فلا يمكنهم القطع والجزم في شيء مما يقولونه البتة ، وإنما غايته ادعاء ظن ضعيف قد لا يصيب وعلم الله تعالى هو العلم اليقين المقطوع به الذي لا يشركه فيه أحد (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) أي ينادي الله تعالى المشركين فيقول (أَيْنَ شُرَكائِي) أي الذين تدعون أنها آلهة (قالُوا) يعني المشركين (آذَنَّاكَ) أي أعلمناك (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) أي يشهد أن لك شريكا وذلك لما رأوا العذاب تبرؤوا من الأصنام.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨) لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٠) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٢) سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣))
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ) أي يعبدون في الدنيا (وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) أي مهرب.
قوله تعالى : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) أي لا يمل الكافر (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) يعني لا يزال يسأل ربه الخير وهو المال والغنى والصحة (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ) أي الشدة والفقر (فَيَؤُسٌ) أي من روح الله تعالى (قَنُوطٌ) أي من رحمته (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا) أي آتيناه خيرا وعافية وغنى (مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ) أي من بعد شدة وبلاء أصابه (لَيَقُولَنَّ هذا لِي) أي أستحقه بعملي (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) أي ولست على يقين من البعث (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي) يقول هذا الكافر أي فإن كان الأمر على ذلك ورددت إلى ربي (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) أي الجنة والمعنى كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا) قال ابن عباس لنوقفنهم على مساوي أعمالهم (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) أي ذهب بنفسه وتكبر وتعظم (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) أي الشدة والفقر (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) أي كثير (قُلْ) أي قل يا محمد لكفار مكة (أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي هذا القرآن (ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) أي جحدتموه (مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) أي في خلاف للحق بعيد عنه والمعنى فلا أحد أضل منكم (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) قال ابن عباس يعني منازل