مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ...) ـ إلى قوله ـ (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) (١).
الاستدلال به من وجوه :
الأوّل : أنّ الناس منهم مقلّد ومنهم مقلّد ، والمقلّد إنّما يتّبع المقلّد ، والله تعالى قد ذمّ من يتّبع [المتشابه] (٢) منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وهذا منع من اتّباعه. وغير المعصوم يجوز فيه ذلك ، فلا يوثق بقوله ، فتنتفي فائدة الخطاب ، فيجب المعصوم ؛ حتّى ينتهي التقليد إليه.
الثاني : أنّه تعالى حكم بعلم تأويله لقوم مخصوصين ميّزهم بكونهم راسخين (٣) في العلم ، وهذا لا يعلم إلّا من المعصوم ؛ إذ غيره لا يعرف حصول الصفة فيه.
الثالث : المراد بالخطاب بالمتشابه هو العمل ـ أيضا ـ به ، ولا يحصل الأمن من الخطأ في العمل به إلّا من المعصوم ، فيجب.
ولأنّ الخطاب بالمتشابه مع عدم معصوم يجزم يقينا بصحة قوله يستلزم الفتنة المحذّر منها ؛ إذ آراء المجتهدين مختلفة فيه ، ويقع بسبب ذلك [الخبط] (٤) وعدم الصواب ، فلا بدّ من المعصوم ؛ ليتوصّل منه إلى العلم به.
الرابع : أنّه يجب دفع الذين في قلوبهم زيغ ـ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ـ وردعهم عن ذلك ، وهو يستلزم ثبوت المعصوم ؛ لأنّ غيره لا ترجيح لقول بعضهم على بعض ، فكلّ منهم يدّعي أنّ مخالفه كذلك ، وذلك هو الفتنة.
__________________
(١) آل عمران : ٧.
(٢) في «أ» : (المتشابهة) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) في «أ» زيادة (التقليد إليه) بعد : (راسخين) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٤) في «أ» : (الخط) ، وما أثبتناه من «ب».