البحث الرابع : في أنّ نصب الإمام لطف
اعلم أنّ الإمام الذي حدّدناه إذا كان منصوبا يقرب المكلّف (١) بسببه من الطاعات ويبعد عن ارتكاب المقبّحات ، وإذا لم يكن كذلك كان الأمر بالعكس.
وهذا الحكم ظاهر لكلّ عاقل بالتجربة ، وضروري لا يتمكّن أحد من إنكاره ، فكلّ ما يقرّب المكلّفين إلى الطاعة ويبعّدهم عن المعاصي يسمّى لطفا اصطلاحا (٢).
فظهر من ذلك أنّ كون الإمام منصوبا متمكّنا لطف في التكاليف الواجبة ، وما سيأتي في وجوب نصب الإمام يدلّ على أنّه لطف أيضا (٣).
البحث الخامس : لا يقوم غير الإمامة مقامها
لوجوه :
الوجه الأول : ما ذكره القدماء (٤) ، وهو : أنّ اتّفاق العقلاء في كلّ صقع وفي كلّ زمان على إقامة الرؤساء يدلّ على عدم قيام غيرها مقامها.
الوجه الثاني : أنّ الغالب على أكثر الناس القوّة (٥) الشهويّة [والغضبيّة] (٦) والوهميّة ، بحيث لا يستقبح كثير من الجهّال لذلك اختلال نظام النوع الإنساني في جنب تحصيل غاية القوّة الشهويّة له أو الغضبيّة ، ويظهر لذلك التغالب والتنازع
__________________
(١) في «ب» : (المكلّفين) بدل : (المكلّف).
(٢) النكت الاعتقادية (ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) ١٠ : ٣٥. الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد : ١٣٠. المسلك في اصول الدين : ١٠١. قواعد المرام في علم الكلام : ١١٧. المغني في أبواب التوحيد والعدل (اللطف) : ٩.
(٣) سيأتي في النظر الأوّل من البحث السادس من هذه المقدمة.
(٤) انظر : تقريب المعارف : ١٤٤. الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد : ٢٩٧ ـ ٢٩٨.
(٥) في هامش «ب» : (قوى) خ ل.
(٦) من «ب».