كلّ ذلك من المجتهدات عندنا ، وخلع الإمام نفسه من غير سبب محتمل (١).
والحقّ مذهب الإمامية ، والذي يدلّ على [حقّيته] (٢) وإبطال مذهب المخالف لهم وجوه :
الأوّل : أنّ الإمامة عندنا (٣) من جملة ما هو أعظم أركان الدين ، وأنّ الإيمان لا يثبت بدونها ، وعندهم (٤) أنّها ليست من أركان الدين ، بل هي من فروع الدين ، لكنّها من المسائل الجليلة والمطالب العظيمة. فكيف يجوز استناد مثل هذا الحكم إلى اختيار المكلّف وإرادته؟! ولو جاز ذلك لجاز في ما هو أدون منه من أحكام الفروع.
الوجه الثاني : أنّ الشارع نصّ على عدم الخيرة ، فقال الله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٥).
فنقول : إمّا أن يكون الله تعالى قضى [بترك الإمامة فلا يجوز للأمّة الخيرة بإثباتها ، وإمّا أن يكون قضى] (٦) بها فتكون كغيرها من أحكام الشريعة التي نصّ الله تعالى عليها ولم [يهملها] (٧) ، وهو المطلوب.
الوجه الثالث : القول بالاختيار ونصب الإمام بقول المكلّفين تقديم بين يدي الله
__________________
(١) الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الاعتقاد : ٣٥٨.
(٢) في «أ» : (حقيقته) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) انظر : أوائل المقالات (ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) ٤ : ٥١ ، ٦٤ ، حيث ذكر في عنوان الباب : «باب وصف ما اجتبيته أنا من الأصول نظرا ووفاقا لما جاءت به الآثار عن أئمّة الهدى من آل محمّد صلىاللهعليهوآله».
مناهج اليقين في أصول الدين : ٢٨٩ ، حيث ذكر في عنوان الكتاب أصول الدين وأدرج منها الإمامة.
(٤) انظر : الفرق بين الفرق : ٣٤٥ ، ٣٤٩.
(٥) الأحزاب : ٣٦.
(٦) من «ب».
(٧) في «أ» : (يمهلها) ، وما أثبتناه من «ب».