تعالى ورسوله ، وقد نهى الله تعالى عن ذلك ، فقال عزّ من قائل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (١).
الوجه الرابع : الله سبحانه وتعالى في غاية الرحمة والشفقة على العباد والرأفة بهم ، فكيف يهمل الله تعالى أمر نصب الرئيس مع شدّة الحاجة إليه ووقوع النزاع العظيم مع تركه أو مع استناده إلى اختيار المكلّفين؟ فإنّ كلّ واحد منهم يختار رئيسا ، وذلك فتح باب عظيم للفساد ، ومناف للحكمة الإلهيّة ، تعالى الله عن ذلك.
الوجه الخامس : الله تعالى قد بيّن جميع أحكام [الشريعة] (٢) أجلّها وأدونها ، حتّى بيّن الله تعالى كيفيات الأكل والشرب ، وما ينبغي اعتماده في دخوله الخلاء والخروج منه ، والعلامات الجليلة والحقيرة ، فكيف يهمل مثل هذا الأصل العظيم ويجعل أمره إلى اختيار المكلّفين ، مع علمه تعالى باختلافهم ، وتباين آرائهم ، وتنافر طباعهم؟!
الوجه السادس : القول الذي حكيناه عن الجويني (٣) هذر ينافي مذهبهم (٤) من استناد الأفعال إلى [قضاء] (٥) الله وقدره ؛ لأنّه لا اختيار للعبد في أفعاله ، [بل هو يجبر عليها مقهور لا يتمكّن من ترك فعله] (٦).
__________________
(١) الحجرات : ١.
(٢) في «أ» : (الشرعية) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) حكاه في النظر الخامس من البحث السادس من هذه المقدمة.
(٤) أي مذهب الأشاعرة ، حيث ذهبوا إلى إثبات الجبر في الأفعال ، أي أنّ العباد مكتسبون لا خالقون ، وما وقع من أفعالهم ليس تحت اختيارهم. انظر : تقريب المعارف : ١٠٩. قواعد العقائد : ٧٤. قواعد المرام في علم الكلام : ١٠٧. مناهج اليقين في أصول الدين : ٢٣٥ ، ٢٤٠. كتاب تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل : ٣٤١ ـ ٣٤٢. كتاب أصول الدين : ١٣٣ ـ ١٣٤. كتاب المحصّل : ٤٥٥ ـ ٤٥٨.
(٥) من «ب».
(٦) من «ب».