الوجه السابع : القول باستناد الإمامة إلى الاختيار مناقض للغرض ومناف للحكمة ؛ لأنّ القصد من نصب الإمام امتثال الخلق لأوامره ونواهيه والانقياد إلى طاعته ، وسكون نائرة الفتن ، وإزالة الهرج والمرج ، وإبطال التغلّب والمقاهرة ، وإنّما يتمّ هذا الغرض ويكمل المقصود (١) لو كان الناصب للإمام غير المكلّفين ؛ لأنّه لو استند إليهم الاختيار [لاختار] (٢) كلّ منهم من يميل طبعه إليه ، وفي ذلك توارث فتن عظيمة ووقوع هرج ومرج بين الناس ، فيكون نصب الإمام مناقضا للغرض من [نصبه] (٣) ، وهو باطل.
الوجه الثامن : وجوب طاعة الإمام حكم عظيم من أحكام الدين ، فلو جاز استناده إلى المكلّفين لجاز استناد جميع الأحكام إليهم ، وذلك يستلزم الاستغناء عن بعثة الأنبياء عليهمالسلام ؛ لأنّهم إنّما بعثوا لنصب الأحكام ، فإذا كان أصلها مستغنيا عن النبيّ صلىاللهعليهوآله كان غيره أولى.
الوجه التاسع : إمّا أن يشترط في الاختيار اتّفاق الأمّة عليه ، أو لا.
والأوّل باطل ؛ لعدم القائل به على ما [نقله] (٤) الجويني (٥).
وأثبت القاضي عبد الجبّار (٦) إمامة أبي بكر ؛ لأنّه بايعه واحد وهو عمر ، برضا
__________________
(١) في «أ» : زيادة : (و) بعد : (المقصود) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٢) في «أ» و «ب» : (لاختيار) ، وما أثبتناه للسياق.
(٣) في «أ» : (نفسه) ، وما أثبتناه من «ب».
(٤) في «أ» : (قبله) ، وما أثبتناه من «ب».
(٥) الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الاعتقاد : ٣٥٧ ـ ٣٥٨. وأشار المصنّف إلى ذلك في النظر الخامس من البحث السادس من هذه المقدمة.
(٦) المغني في أبواب التوحيد والعدل (الإمامة ١) : ٢٥٦.
القاضي عبد الجبّار : هو أبو الحسين عبد الجبّار بن أحمد بن عبد الجبّار الهمذاني الأسدآبادي ، قاض أصولي ، كان شيخ المعتزلة في عصره ، تولّى القضاء بالري ، وتوفي فيها سنة ٤١٥ ه. له تصانيف كثيرة. الأعلام ٣ : ٢٧٣.