الإمامة فيه ؛ لأنّا نعلم تباعد أمكنة المكلّفين وتنائي مواضعهم ، ومثل هؤلاء يمتنع اتّفاقهم على ذلك.
وأمّا الثاني : فإمّا أن يشترط فيه العدد المعيّن ، أو لا.
والأوّل باطل ؛ لعدم الدليل عليه ، فإنّه لا عدد أولى (١) من عدد ، [و] (٢) من المعلوم أنّه لو نقص عن العدد المشترط واحد لم يؤثّر في وجوب طاعة المنصوب ، كما لو زاد لم يؤثّر زيادته.
وأيضا : لم كان قول بعض المكلّفين حجّة على أنفسهم وعلى غيرهم ، [بحيث] (٣) يحرم بعد ذلك مخالفته ويجب اتّباعه ، وأيّ دليل يدلّ على ذلك؟ فإنّ العقل غير دالّ عليه ، ولا وجد (٤) في النقل عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ما يدلّ عليه.
والثاني أيضا باطل ؛ لأنّه إذا لم يشترط العدد جاز أن ينصّب شخص واحد إماما ، ويجب على الخلق كلّهم متابعته كما اختاره الجويني (٥) ، وهو معلوم البطلان.
ولأنّه لو جاز ذلك لجاز أن ينصّب الإنسان نفسه إماما ويأمر الخلق بوجوب اتّباعه.
ولأنّه لو كان كذلك لأدّى إلى وقوع الفتن ، وتكاثر الهرج والمرج ، وقيام النزاع ، ولما احتيج إلى المبايعة والاختيار عليه.
بيان الشرطية : أنّ المقتضي لوجوب قول الواحد في حقّ الغير ثابت في حقّ نفسه ؛ لأنّه مسلّم بشرائط الاجتهاد ، نصّ على من يستحقّ الرئاسة والإمامة واختاره لذلك ، فوجب انعقاد قوله كما في حقّ الغير ، إذ لا يشترط تغاير العاقد ولا المعقود
__________________
(١) في «أ» زيادة (والأوّل) بعد : (أولى) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٢) من «ب».
(٣) في «أ» و «ب» : (فحيث) ، وما أثبتناه للسياق.
(٤) في هامش «ب» : (ولم يجدوا) ظ.
(٥) الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الاعتقاد : ٣٥٧ ـ ٣٥٨. وأشار المصنّف إلى ذلك في النظر الخامس من البحث السادس من هذه المقدمة.