[يختاروا] (١) الإمام دون غيرهم ، فإذا ولّوا رجلين ولم يكن عقد أحدهما أولى من الآخر أدّى ذلك إلى الفتنة.
ولا يقال : الحكم هاهنا كالحكم في [وليّي] (٢) المرأة إذا زوّجاها من كفوين دفعة.
لأنّا نقول : إبطال العقدين في المرأة لا يؤدّي إلى الفتن وإثارة الفساد ، بخلاف صورة النزاع ؛ لأنّه مع إبطالهما لا أولويّة في تخصيص بعض البلاد بأن ينصّب أهلها الرئيس العامّ دون بعض ، فيستمرّ حال النزاع مع الإبطال ، كما استمرّ مع العقد ونفوذه.
الوجه الرابع عشر : تفويض الإمام إلى الاختيار يؤدّي إلى الفتن والتنازع ووقوع الهرج والمرج بين الأمّة وإثارة الفساد ؛ لأنّ الناس مختلفو المذاهب متباينو الآراء والاعتقادات ، فكلّ صاحب مذهب يختار إماما من أهل نحلته وعقيدته ، ولا يمكّن غيره ممّن ليس من أهل نحلته أن يختار الإمام ، فالمعتزلي يريد إماما معتزليّا ، وكذا الجبري والخارجي وغيرهم ، فإذا اختار كلّ واحد منهم إماما من أهل نحلته نازعتهم الفرقة الأخرى ، وذلك هو الهرج العظيم.
وقد كان في شفقة الرسول صلىاللهعليهوآله بأمّته ورحمة الله تعالى على عباده ما يزيل ذلك ، مع أنّه تعالى نصّ على أحكام كثيرة لا يبلغ بعضها بعض نفع الإمامة ، فكيف يليق من رحمة الله تعالى ومن شفقة رسوله إهمال الرعايا وتركهم همجا يمرج (٣) بعضهم في بعض؟ هذا مناف لعنايته تعالى ، ولا يرتضيه عاقل لنفسه مذهبا.
__________________
(١) في «أ» و «ب» : (يختار) ، وما أثبتناه للسياق.
(٢) في «أ» و «ب» : (ولي) ، وما أثبتناه من هامشيهما.
(٣) المرج : الفتنة المشكلة والفساد. ومرج الأمر مرجا فهو مارج ومريج : التبس واختلط. لسان العرب ١٣ : ٦٥ ـ مرج.