الإمام ؛ لأنّ الأمر المطلق يقتضي وجوب [الفعل على كلّ حال ، وذلك يقتضي وجوب] (١) مقدّماته ، والآية [دالّة] (٢) على وجوب نصب الإمام على الرعايا.
لأنّا نقول : الآية دلّت بذاتها على القطع ، وبالتبع على المقدّمات ، وإنّما يتمّ الأمر بالقطع على تقدير إمام معصوم من قبله تعالى ، ولا يجوز أن تجعل دالّة بالذات على التوصّل إلى القطع ؛ لأنّه إخراج الكلام عن حقيقته من غير ضرورة ولا دلالة عليه.
ولأنّ الأمر المطلق إنّما يقتضي وجوب مقدّمات الفعل على من يجب عليه ذلك الفعل (٣) ، فأمّا وجوب الفعل على المكلّف ووجوب مقدّماته على غيره فغير صحيح ، ومن يعقد الإمامة لمن تصلح له غير من يقبل الإمامة ، فإن وجب قبوله على من يصلح لها لم يصحّ أن يجب مقدّمات قبوله على الغير ، ومن يعقد الإمامة لا يجب عليه القطع ، بل على من يقبلها.
وقد استدلّ أبو الحسين البصري بهذه الآية على وجوب نصب الأئمّة على الرعية ، بأنّ قوله تعالى : (فَاقْطَعُوا) مشترك بين التوصّل إلى القطع وبين مباشرة القطع ، فإنّه يقال : (قطع الأمير السارق) إذا أمر بقطعه فقطع ، و (قطع الحدّاد السارق) إذا باشر القطع. وليس المراد المباشرة ، فإنّ ظاهرها عامّ متناول للكلّ ، وليس يمكن الكلّ مباشرة القطع ، ولو أمكنهم لم يكن المراد ذلك ؛ للإجماع على أنّه ليس للأمّة أن تأمر الحدّاد بالقطع من دون أن يتولّى ذلك الأمر الإمام.
فإذن المراد بها التوصّل بها إلى القطع ، وإذا كان كذلك ، والأمّة يدخل في جملتهم من يصلح للإمامة ومن يمكنه العقد له ، فيلزم الكلّ التوصّل إليه بمقدّماته ، وليس إلّا القبول والعقد.
__________________
(١) من «ب».
(٢) في «أ» : (الدالة) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) العدّة في أصول الفقه ١ : ١٨٦ ـ ١٨٧.