صارف ، وقصدت إجباره على مطاوعتها بالقوة ، بعد أن استحكمت من تغليق الأبواب ، ودعوته إلى الإسراع ، مما اضطره إلى الهرب إلى الباب.
(وَهَمَّ بِها) أى مالت نفسه إليها ، بمقتضى الطبيعة البشرية ، وحدثته نفسه بالنزول عند رغبتها حديث نفس ، دون عزم وقصد ، فبين الهمّين فرق كبير.
قال علماء البيان : وهذا من باب المشاكلة ، وهى الاتفاق فى اللفظ مع الاختلاف فى المعنى. فالهم منها كان همّ عزم وقصد ، والهمّ منه كان حديث نفس .. (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) جوابه محذوف ـ أى لو لا حفظ الله ورعايته ليوسف ، وعصمته له لخالطها ، وأمضى ما حدثته به نفسه ، ولكن الله عصمه بالحفظ والتأييد ، فلم يحصل منه شىء البتّة.
* وحول قضية المراودة والهمّ قام جدل كبير واسع ، وأدلى كثير من العلماء بآرائهم فيه.
لقد ذكر ابن جرير الطبرى فى تفسيره ، والسيوطى فى الدر المنثور ، وغيرهما من المفسرين. فى قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ، وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) [يوسف : ٢٤] أشياء غريبة ..
فقد ذكروا فى همّ يوسف ـ عليهالسلام ، ما ينافى عصمة الأنبياء ، وما يخجل القلم عن تسطيره. لولا أن المقام مقام بيان ، وتحذير من الكذب على الله ، وعلى رسله ، وهو من أوجب الواجبات على أهل العلم. مع أن يوسف الصديق ـ عليهالسلام ، من سلالة الأنبياء ، وسيد السادة النجباء ، السبعة الأتقياء المذكورين عن خاتم الأنبياء :