والمراودة : الطلب برفق ولين ، كما يفعل المخادع بكلامه المعسول المعنى ، طلبت امرأة العزيز ، الذى كان يوسف فى بيتها منه أن يضاجعها ، ودعته برفق ولين أن يواقعها ، وتوسلت إليه بكل وسيلة (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) أى غلقت أبواب القصر عليها ، وعلى يوسف ، وأحكمت إغلاقها.
قال القرطبى : كانت سبعة أبواب ، غلّقتها ثم دعته إلى نفسها. (١)
(وَقالَتْ : هَيْتَ لَكَ) أى هلم ، وأسرع إلى الفراش ، فليس ثمة ما يخشى.
قال فى البحر : أمرته أن يسرع إليها. (٢)
(قالَ : مَعاذَ اللهِ) أى عياذا بالله من فعل السوء ، قال أبو السعود : وهذه إشارة إلى أنه منكر هائل ، يجب أن يعاذ بالله من الخلاص منه. لما أراه الله من البرهان النيّر ، على ما فيه من غاية القبح ، ونهاية السوء (٣).
(إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) أى إن زوجك هو سيدى (العزيز) الذى أكرمنى ، وأحسن تعهدى ، فكيف أسىء إليه بالخيانة فى حرمه؟ (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أى لا يظفر الظالمون بمطالبهم ، ومنهم الخائنون المجازون الاحسان بالسوء. ثم إن امرأة العزيز حاولت إيقاعه فى شركها ، وتوسلت إليه بكل وسائل الإغراء ولو لا أن الله حفظه من كيدها ، وعصمه عن الفحشاء لهلك.
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) أى همّت بمخالطته عن عزم وقصد وتصميم. عزما جازما على الفاحشة ، لا يصرفها عنها
__________________
(١) تفسير القرطبى ٩ / ١٦٣
(٢) البحر المحيط ٥ / ٢٩٣
(٣) تفسير أبى السعود ٢ / ٦٢