ومعروف فى العربية أن (لولا) حرف امتناع لوجود ، أى امتناع الجواب لوجود الشرط ، فيكون (الهمّ) ممتنعا لوجود البرهان ، الذى ركزه الله فى فطرته ، والمقدم : إما الجواب ، أو دليله على الخلاف فى هذا بين النحويين.
والمراد بالبرهان : هو حجة الله الباهرة ، الدالة على قبح الزنا ، وهو شىء مركوز فى فطر الأنبياء. ومعرفه ذلك عندهم ، وصل إلى عين اليقين ، وهو ما نعبر عنه بالعصمة ، وهى التى تحول بين الأنبياء والمرسلين ، وبين وقوعهم فى المعصية.
وهذا هو القول الجزل ، الذى يوافق ما دلّ عليه العقل من عصمة الأنبياء ، ويدعو إليه السابق واللآحق. يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق : البرهان : النبوة التى أودعها الله فى صدره ، حالت بينه وبين ما يسخط الله عزوجل.
وأما كون جواب لو لا لا يجوز أن يتقدم عليها ، فهذا أمر ليس ذا خطر حتى نعدل عن هذا الرأى الصواب ، إلى التفسيرات الأخرى الباطلة (لهمّ) يوسف ، والقرآن هو أصل اللغة. فورود أى أسلوب فى القرآن يكفى فى كونه أسلوبا عربيا فصيحا ، وفى تأصيل أى قاعدة من القواعد النحوية ، فلا يجوز لأجل الأخذ بقاعدة نحوية ، أن نقع فى محظور لا يليق بالأنبياء كهذا.
والذى يجب أن يعتقد ـ كما يقول ابن كثير ـ أن الله عصم يوسف ، وبرأه ، ونزّهه عن الفاحشة ، وحماه عنها ، وصانه منها ، ولهذا قال تعالى : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ ،) مثل ذلك فعلنا ، وتصرفنا مع يوسف لأنا نعدّه لتحمّل أعباء الرسالة فى المستقبل ، ولنصرف عنه السوء. ولم يقل القرآن «لنصرفه عن السوء» إذ فرق بين العبارتين كبير ، ولنصرف عنه الفحشاء ، إنه من عبادنا المصطفين الأخيار ، الذين اختارهم ربهم ، وخلّصهم من شوائب المعاصى.