قائمة الکتاب
الفصل السابع : الصديق يوسف ـ عليهالسلام ـ ومحنة المراودة
٢٣٦
إعدادات
دراسات في التفسير الموضوعي للقصص القرآني
دراسات في التفسير الموضوعي للقصص القرآني
تحمیل
أى ثبتناه على العفة أمام دوافع الفتنة ، لنصرف عنه المنكر والفجور ، وهذه آية بيّنة ، وحجة قاطعة ، على أنه ـ عليهالسلام ـ لم يقع منه همّ بالمعصية ، ولو كان كما زعموا ـ لقال : «لنصرفه عن السوء والفحشاء» ، فلما قال (لِنَصْرِفَ عَنْهُ ،) دلّ على أن ذلك شىء خارج عن الإرادة ، فصرفه الله عنه ، بما منحه من موجبات العفة والعصمة.
وقوله (وَالْفَحْشاءَ) أى لنصرف عنه الزنى الذى تناهى قبحه ، إنه من عبادنا المخلصين ، الذى أخلصهم الله لطاعته.
* ثم أخبر الله ـ تعالى ـ بما حصل من المفاجأة العجيبة ، بقدوم زوجها ، وهما يتسابقان نحو الباب ولا تزال هى فى هياجها الحيوانى ، فقال (وَاسْتَبَقَا الْبابَ) قال العلماء : هذا من اختصار القرآن المعجز ، الذى يجمع المعانى الكثيرة ، فى الألفاظ القليلة ، وذلك أنها لما راودته عن نفسه وأبى ، عزمت على أن تجبره بالقسر والإكراه ، فهرب منها فتسابقا نحو الباب ، هى لترده إلى نفسها ، وهو يهرب منها ، فاختصر القرآن ذلك كله ، بتلك العبارة البليغة ، فقال : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ.) أى هرب منها طالبا الباب ، ليخرج منه فرارا منها ، فاتبعته فى أثره (وَأَلْفَيا) أى وجدا (سَيِّدَها) أى زوجها (لَدَى الْبابِ ،) فبدرته بالكلام ، وحرضته عليه .. قالت : (ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [يوسف : ٢٥]
اتهمته ـ وهى المتهمة ، وبرأت عرضها ، ونزهت ساحتها ، فلهذا قال يوسف : (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) احتاج أن يقول الحق عند الحاجة.
(وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) قيل : كان صغيرا فى المهد ـ قاله ابن عباس.
وقيل : كان رجلا قريبا إلى «قطفير» زوجها. وقيل : قريبا إليها .. فقال : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ) أى لأنه يكون قد راودها فدافعته حتى قدت مقدم قميصه.