ما جئتكم به. ثم قال تعالى إخبارا عن شعيب : (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ ـ وَتَبْغُونَها عِوَجاً ، وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ، وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [الأعراف : ٨٦]
ينهاهم شعيب ـ عليهالسلام ـ عن قطع الطريق الحسى والمعنوى بقوله (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ) أى تتوعدون الناس بالقتل إن لم يعطوكم أموالهم .. حيث كان هؤلاء المكذبون يقعدون على الطريق يرصدون الناس الذين يأتون إلى شعيب ليصدوهم عن الدين ، ويمنعوهم عن الإيمان بالله ، ويتوعدون من اتبعه بأنواع التهديد والوعيد ، ولما ألح عليهم شعيب فى الدعوة والموعظة جاهروه بالعداء.
وقوله : (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً) أى وتودون أن تكون على سبيل الله عوجا مائلة ..
يقول شعيب : ولا تقعدوا يا قوم فى الطرقات تنهون الناس عن الإيمان ، وتخوفونهم عاقبته ، وتتوعدونهم بالشر إن آمنوا ، كما ورد فى حديث ابن عباس : «ولا تصدّوا عن سبيل الله من آمن به من النّاس» ، ولا تطلبوا اعوجاجا لسبيل الله ودينه بما تصفون وبما تكذبون ، وبما تشوهون الحقائق ، وتفترون على الله الكذب.
(وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) أى كنتم مستضعفين لقلّتكم فصرتم أعزّة لكثرة عددكم ، فاذكروا نعمة الله عليكم فى ذلك. (وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) من الأمم الخالية ، والقرون الماضية ، وما حل بهم من العذاب والنكال باجترائهم على معاصى الله ، وتكذيب رسله. أى واذكروا نعم الله عليكم وقت أن كنتم قلة من المال والرجال والسطوة ، فبارك فيكم ، وزاد مالكم ونما ، وكثر عددكم وربا ، مع الجاه والقوة ، وانظروا نظرة عبرة وعظة ، كيف كان عاقبة المفسدين الظالمين من قوم عاد وثمود ، وقوم لوط.