ومضمون الآية : يا شعيب أصلاتك تقضى بتأثيرها فيك أن تحملنا على ترك ما كان يعبد آباؤنا من أصنام نتخذهم قربى إلى الله؟ ولست أنت خيرا منهم حتى نتركهم ونتبعك ..
والاستفهام فى الآية للإنكار والسخرية بشعيب. يقولون : أصلاتك تأمرك أن نترك ما نفعله فى أموالنا من تنمية واستغلال على حسب نشاطنا واجتهادنا ، أليس هذا حجرا على حريتنا ، وحدّا لنشاطنا؟ إنك يا شعيب لأنت الحليم المتأنى فى حكمه ، العاقل ، المتروى ، والرشيد الذى لا يأمر إلّا بما استبان له فيه وجه الخير والرشاد. وهذا التأكيد الكثير فى كلامهم يفيد الاستهزاء والتعريض به.
فماذا كان رد شعيب عليهم؟
(قالَ : يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ، وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً ، وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ ـ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ، وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [هود : ٨٨]
قال لهم : أرأيتم يا قوم إن كنت (عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) أى على بصيرة فيما أدعو إليه ، (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً ..) قيل : أراد النبوة ، وقيل : أراد الرزق الحلال ، ويحتمل الأمرين.
(وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) أى لا أنهاكم عن الشىء وأخالف أنا فى السر فأفعله خفية عنكم ، أى لم أكن أنهاكم عن أمر وأرتكبه (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) أى فيما آمركم وأنهاكم ، إنما أريد إصلاحكم جهدى وطاقتى (وَما تَوْفِيقِي) فى إصابة الحق فيما أريده (إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فى جميع أمورى (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أى أرجع.