وتذكر المصادر القديمة .. أنه على الرغم من صلة الرحم بينه وبين موسى ـ إلّا أنه كفر بالله ورسوله موسى ـ ونافق كما نافق السامرى ، فأهلكه البغى لكثرة ماله ، وطغيانه بهذا المال ، حيث جعله وسيلة لمحاربة الله ورسوله.
أضف إلى ذلك تكبره وترفعه على أهله وقومه ، وتعاليه عليهم ، يذكرون أنه زيادة فى التباهى والتعالى ، زاد ثيابه شبرا طولا ، حتى يخالف مظهره مظهر قومه ومعاصريه. وعاش بينهم ولكنه لم يرع لذلك حرمة أو جوارا ، وبغى عليهم حتى جمع ذلك المال الوفير ، الذى كان سببا فى تكبره وتجبره وطغيانه وظلمه لهم.
(وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ)
[القصص : ٧٦]
أى آتاه الله من الأموال المنقولة والثابتة ما إن علمه والإحاطة به ، والمحافظة عليه لتنوء به العصبة من أولى القوة ..
أو بمعنى آخر : وآتيناه من الكنوز والأموال ما إن مفاتيح خزائنه لتنوء بحملها العصبة من الرجال أولى القوة ـ أى ليثقل حملها الفئام من الناس لكثرتها.
ومنشأ هذا الخلاف فى الرأى ، أن المفاتح قد يراد بها العلوم والمعارف نظرا إلى قوله تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) [الأنعام : ٥٩]. وقد يراد بها مفاتيح الخزائن المعروفة.
ذكر ابن كثير فى تفسيره : (١) كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود ، كل مفتاح مثل الإصبع ، كل مفتاح على خزانة على حدة ، فإذا ركب حملت على ستين بغلا أغرّ محجّلا.
__________________
(١) جزء ٣ ص ٣٩٩