نعم .. فالدنيا طريق الآخرة ، وهى المزرعة الباقية ، من زرع فيها الخير حصد ، ومن أضاع عمره فيما لا يرضى ربه ندم ، والعاقل من طلب بدنياه آخرته ، ومن ابتغى فيما آتاه الله الدار الآخرة ، والله سبحانه لا يطالبك بأن تعطى مالك كله ، بل أن تنفق القليل طلبا لرضا الرب الجليل ، ترجع بالخير الكثير ، والجزاء الجزيل.
٣ ـ ولا تنس نصيبك من الدنيا .. أى مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح ، فإن لربك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، ولبدنك عليك حقا ، فآت كل ذى حقّ حقه.
نعم .. فهذا هو الطريق الوسط ، والرأى الرشد ـ كما قال النبى المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «أن تعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، وتعمل لآخرتك كأنك تموت غدا» ، فليس من الزهد فى الدنيا حتى تتركها وتعيش عالة على غيرك ، بل الدين يطالبك بالعمل والجد ، والغنى من طريق حلال ، فإذا جمعت المال فاعط حق الله فيه ، ولا تنس نصيبك من الدنيا ، أى تمتع ببعضه بلا إسراف ولا تقتير ، فهذا هو النظام المحكم الدقيق الذى وضعه الحكيم البصير.
٤ ـ وأحسن كما أحسن الله إليك .. أى أحسن إلى خلقه كما أحسن هو إليك ، والإحسان هو الإتقان فى العمل ، وهو يقتضى إعطاء كل ذى حق حقه.
٥ ـ ولا تبغ الفساد فى الأرض .. أى لا تكن همتك بما أنت فيه أن تفسد به فى الأرض ، وتسىء إلى خلق الله بالظلم أو العسف أو الكبر ، أو الإضرار بالناس ، فكل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها ، إن الله لا يحب المفسدين بأى شكل.