* بيد أن قارون أبى أن يقبل هذا النصح ، لأنه غير موفق ، بل زاد عليه ...
(قالَ : إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) [القصص : ٧٨]
يحدثنا القرآن عن جواب قارون لقومه حين نصحوه ، وأرشدوه إلى الخير ، أنه قال : أنا لا أفتقر إلى ما تقولون ، فإن الله تعالى إنما أعطانى هذا المال لعلمه بأنى أستحقه ، ولمحبته لى ، فتقديره : إنما أعطيته لعلم الله فىّ أنى أهل له. وهذا كقوله تعالى :
(فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ : إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) [الزمر : ٤٩] أى على علم من الله بى ، وكقوله تعالى :
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) [فصلت : ٥٠] أى هذا استحقه.
يريد أن يقول : أنه أوتى المال على علم عنده بوجوه الكسب ، وطرق الزيادة وإنماء المال .. أى إنما أوتيت هذا المال لفضل علمى ، وتمام جهدى وتجاربى ، فليس لأحد حق فى هذا المال ، وكأنه ينكر إنعام الله عليه بتلك الأموال لاستحقاقه لها عن جدارة ، فهو حرّ التصرف.
* وقد روى عن بعضهم أنه أراد (بالعلم الذى عنده) أنه كان يمارس علم الكيمياء
يقول ابن كثير : «وعلم الكيمياء فى نفسه علم باطل ، لأن قلب الأعيان لا يقدر أحد عليها إلّا الله عزوجل قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ، إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) [الحج : ٧٣]