قال عكرمة : هذا من المقدم والمؤخر ، لهم عذاب شديد يوم الحساب بما نسوا.
وهذا تعليل لما قبله : إن الذين يضلون عن سبيله لهم عذاب شديد وقعه ، بسبب أنهم نسوا يوم القيامة ، ولم يعلموا لذلك اليوم ، أولئك الذين نسوا الله فأنساهم العمل لخيرهم ، فكان جزاؤهم النار وبئس القرار.
قال ابن كثير : هذه وصية من الله عزوجل ، لولاة الأمور ، أن يحكموا بين الناس بالحق المنزّل من عنده ـ تبارك وتعالى ـ ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيل الله ، وقد توعد تبارك وتعالى من ضلّ عن سبيله ، وتناسى يوم الحساب بالوعيد الأكيد ، والعذاب الشديد.
قال ابن أبى حاتم ـ بإسناد ـ حدثنى إبراهيم أبو زرعة ، وكان قد قرأ الكتاب : أن الوليد بن عبد الملك قال له : أيحاسب الخليفة؟ فإنك قد قرأت الكتاب الأول ، وقرأت القرآن ، وفقهت؟ فقلت : يا أمير المؤمنين أقول؟ قال : قل فى أمان الله ، قلت : يا أمير المؤمنين أنت أكرم على الله أو داود عليه الصلاة والسلام؟ إن الله تعالى جمع له النبوة والخلافة ، ثم توعده فى كتابه ، فقال تعالى :
(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ، وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) الآية. (١)
قال أبو حيان : وجعله تعالى داود خليفة فى الأرض يدل على مكانته ـ عليهالسلام ـ واصطفائه له ، ويدفع فى صدر من نسب إليه شيئا مما لا يليق بمنصب النبوة. (٢)
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٤ / ٣١
(٢) البحر المحيط ٧ / ٣٩٤