أى واذكر يا عيسى ابن مريم نعمتى عليك حيث اصطفيتك بالرسالة ، وشرفتك بالنبوة ، وكنت من غير أب ، فكنت آية على قدرة الله ، واذكر نعمتى على والدتك النقية الطاهرة ، مريم البتول ، التى برأتها مما نسب إليها ، وشرفتها بنسبة عيسى لها.
واذكر يا عيسى نعم الله عليك ، إذ أيدك بروح القدس ، وعلمك وثبتك ولقّنك الحجة بأمر الله وإذنه ، وأيدك بروح طاهرة قوية.
قال الربيع بن أنس : هو الروح الذى نفخ فيه الروح. أضافه سبحانه إلى نفسه تكريما وتخصيصا ، والقدس ، هو الله تعالى ، يدل عليه قوله تعالى : (وَرُوحٌ مِنْهُ) [النساء : ١٧١]
وقوله عزوجل : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا)
[الأنبياء : ٩١]
وقوله جل جلاله : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) [التحريم : ١٢]
وقال آخرون : أراد بالقدس الطهارة ، أى الروح الطاهرة ، وسمى عيسى ـ عليهالسلام ـ روحا ، لأنه لم تتضمنه أصلاب الفحول ، ولم تشتمل عليه أرحام الطوامث ، إنما كان أمرا من الله تعالى.
وقال السدى وكعب : روح القدس : جبريل ، وتأييد عيسى بجبريل ـ عليهماالسلام ـ هو أنه كان قرينه ورفيقه ، يعينه ويسير معه حيثما سار إلى أن صعد به إلى السماء.
وقال سعيد بن جبريل : القدس : اسم الله الأعظم ، وبه كان يحيى الموتى ، ويرى الناس تلك العجائب.