يقول : إنهم فتية وهم الشباب ، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ ، الذين قد عتوا وانغمسوا فى دين الباطل ، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ـ ولرسوله صلىاللهعليهوسلم شبابا ، وأما المشايخ من قريش ، فعامتهم بقوا على دينهم ، ولم يسلم منهم إلا القليل.
وهكذا أخبر الله عن أصحاب الكهف ، أنهم كانوا فتية شبابا ، فألهمهم الله رشدهم وآتاهم تقواهم ، فآمنوا بربهم ، واعترفوا له بالوحدانية ، وشهدوا أنه لا إله إلّا هو.
(وَزِدْناهُمْ هُدىً ..) استدل بهذه الآية وأمثالها غير واحد من الأئمة ـ كالبخارى ـ ممّن ذهب إلى زيادة الإيمان وتفاضله ، وأنه يزيد وينقص ، ولهذا قال سبحانه (وَزِدْناهُمْ هُدىً) كما قال : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ)
وقد ذكر أنهم كانوا على دين المسيح عيسى ابن مريم. والظاهر أنهم كانوا قبل ملّة النصرانية بالكلية ، فإنهم لو كانوا على دين النصرانية لما اعتنى أحبار اليهود بحفظ خبرهم وأمرهم ، لمخالفتهم لهم. وقد ذكرنا ـ من قبل ـ أن قريشا بعثوا إلى أحبار اليهود بالمدينة يطلبون منهم أشياء يمتحنون بها رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ، فبعثوا إليه أن يسألوه عن أمور ثلاثة ، من بينها خبر هؤلاء الفتية ، فدلّ هذا على أن هذا أمر محفوظ فى كتب اليهود ، وأنه مقدم على دين النصرانية ، والله أعلم. (١)
وقوله تعالى : (وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٣ / ٧٤