(إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً)
يخبر تعالى عن أولئك الفتية ، الذين فرّوا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه ، فهربوا منهم فلجئوا إلى غار فى جبل ، ليختفوا عن قومهم ، فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمته ولطفه بهم .. (رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) أى هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها وتسترنا عن قومنا.
(وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) أى وقدّر لنا من أمرنا هذا رشدا ، أى اجعل عاقبتنا رشدا.
كما جاء فى قول النبى المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم : «وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشدا» وكان صلوات الله وسلامه عليه يدعو ربّه : «اللهم أحسن عاقبتنا فى الأمور كلّها وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الآخرة».
(فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) أى ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف فناموا سنين كثيرة (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) من رقدتهم تلك ، وخرج أحدهم بدراهم معه ليشترى لهم بها طعاما يأكلونه ، ولهذا قال : (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) أى المختلفين فيهم (أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) أى عددا وغاية.
هذا إجمال القصة كما لخّصها القرآن الكريم. ثم شرع القرآن فى بسط القصة وشرحها ، فذكر تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ، إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً. وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا : رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً. هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ ، فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً. وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ ، فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) [الكهف : ١٣ ـ ١٦]